الشيخ كاشف الغطاء وبصماته الخالدة على صفحات التأريخ : كثيرون هم من تطويهم عجلات الزمن وصفحاته المتلاحقة دون أن يتركوا لهم آثارا وإن دقت تدل على عبورهم من خلال بوابة الحياة المشرعة ، ومنافذها الواسعة ، فرحلوا كأن لم يكونوا إلا أسماء ما أسرع أن يعفو عليها ويخفيها غبار الأيام . نعم ، إن الله تعالى ما خلق الانسان إلا وجعله مقترنا بأمر كبير ، وموسوما بصفة عظيمة ، ألا وهي خلافته في أرضه ، إذ قال جل اسمه مخاطبا ملائكته : [ إني جاعل في الأرض خليفة ] [1] بل وجعل سبحانه مقياس الوفاء بأداء الرسالة هو العمل ، فمن خلاله تمنح المنازل والدرجات ، وينال الرضا في المحيا وعند الممات ، وذلك مما هو أجلى من الشمس في رابعة النهار . وحقا قد تتفاوت الأعمال شكلا وكيفا ، بيد أن اعتماد المنهج الشرعي السليم الواضح في أدائها هو المقياس الحقيقي الذي تقيم به تلك الأعمال ، ويمكن للمرء أن يشير لها بالبنان بفخر واعتزاز ، وما أقل ما هي . ولا نغالي بشئ إذا قلنا بأن حياة الشيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى كانت ميدانا خصبا للكثير من الأعمال المباركة التي اتشحت بها سنوات عمره القصير ، وأبرزت من خلالها دقائق توجهاته ، وحقائق معتقداته ، فكانت فعلا وممارسة لا أطروحة وتنظيرا ، وذلك هو أسمى ما يوسم به المؤمنون . ولا أقول إني سأستقرئ من خلال صفحات مقدمتي هذه أبعاد تلك المواقف قدر ما أردت منها مجرد اللمحة والإشارة وذلك لعسر المخاض ،