موضوع كلي فهو ( الفتوى ) مثل : إن مال الغير لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن مالكه ، وإن وطئ الزوجة حلال ووطئ الأجنبية حرام . . وإن كان على موضوع جزئي فهو ( القضاء والحكومة ) مثل : إن هذه زوجة ، وتلك أجنبية ، وهذا مال زيد . وكل منهما من وظائف المجتهد العادل ، الحائز [ على ] منصب النيابة العامة عن الإمام ، سوى أن القضاء الذي هو في الحقيقة عبارة عن تشخيص الموضوعات مع المرافعة والخصومة أو بدونها ، كالحكم بالهلال ، والوقف ، والنسب ، ونحوها يحتاج إلى لطف قريحة ، وقوة حدس ، وعبقرية ذكاء ، وحدة ذهن ، أكثر مما تحتاجه الفتوى واستنباط الأحكام الكلية بكثير ، ولو تصدى له غير الحائز لتلك الصفات كان ضرره أكبر من نفعه ، وخطأه أكثر من صوابه . أما تصدي غير المجتهد العادل الذي له أهلية الفتوى فهو عندنا معشر الإمامية من أعظم المحرمات ، وأفظع الكبائر ، بل هو على حد الكفر بالله العظيم ، بل رأينا أعاظم علماء الإمامية من أساتيذنا الأعلام يتورعون من الحكم ، ويفصلون الحكومات غالبا بالصلح ، ونحن لا نزال غالبا على هذه الوتيرة اقتداء بسلفنا الصالح . ثم أن أمهات أسباب الحكم والخصومات والحقوق ثلاثة : الاقرار ، البينة ، اليمين . والبينة هي الشاهدان العادلان ، وإذا تعارضت البينتان أو البينات فخلاف عظيم في تقديم بينة الداخل والخارج ، أو الرجوع إلى المرجحات . وقد أفرد الكثير من فقهائنا للقضاء مؤلفات مستقلة في غاية البسط والإحاطة ، سوى ما دونوه في الكتب المشتملة على تمام أبواب الفقه ، ولا يسعنا بأن نأتي بأقل قليل منه ، فضلا عن الكثير ، وقد ذكرنا جملة صالحة من