ولكن في عبارة شيخ أهل البصرة من الشطح والتجاوز ما لا يرتضيه كل مسلم ، والعبارة الشائعة عن أبي حفص أخف وألطف من ذلك ، وهي قوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أحرمهما . وإذا كان مراده ما أوعزنا إليه ، وكشفنا حجابه ، وحللنا عقدته ، يهون الأمر ، وتخف الوطأة . وبعد ما انتهينا في الكتابة إلى هنا ، وقفنا على كلام لبعض الأعاظم من علمائنا المتقدمين ، وهو المحقق محمد بن إدريس الحلي ، من أهل القرن السادس ، وجدناه يتفق مع كثير مما قدمناه ، فأحببنا نقله هنا ليتأكد البيان ، وتتجلى الحجة . قال في كتابه ( السرائر ) الذي هو من جلائل كتب الفقه والحديث ما نصه : النكاح المؤجل مباح في شريعة الاسلام ، مأذون فيه ، مشروع في الكتاب والسنة المتواترة بإجماع المسلمين ، إلا أن بعضهم ادعى نسخه ، فيحتاج في دعواه إلى تصحيحها ، ودون ذلك خرط القتاد . وأيضا فقد ثبت بالأدلة الصحيحة : أن كل منفعة لا ضرر فيها في عاجل ولا في آجل مباحة بضرورة العقل ، وهذه صفة نكاح المتعة ، فيجب إباحته بأصل العقل . فإن قيل : من أين لكم نفي المضرة عن هذا النكاح في الآجل ، والخلاف في ذلك ؟ قلنا : من ادعى ضررا في الآجل فعليه الدليل . وأيضا فقد قلنا : إنه لا خلاف في إباحتها من حيث أنه قد ثبت بإجماع المسلمين : أنه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي صلى الله عليه وآله بغير شبهة ، ثم ادعي تحريمها من بعد ونسخها ، ولم يثبت النسخ ، وقد ثبتت الإباحة بالاجماع ، فعلى من ادعى الحظر والنسخ الدلالة . فإن ذكروا الأخبار التي رووها في أن النبي صلى الله عليه وآله حرمها