ولكن الزمخشري يحدثنا عنه في ( ربيعه ) : أنه كان يقول : ما لقينا من علي [ عليه السلام ] إن أحببناه قتلنا وإن أبغضناه هلكنا [1] . إلى أن تصرمت الدولة السفيانية وخلفتها الدولة المروانية [2] ، وعلى رأسها عبد الملك ، وما أدراك ما عبد الملك ، نصب الحجاج المجانيق على الكعبة بأمره حتى هدمها وأحرقها ، ثم قتل أهاليها ، وذبح عبد الله بن الزبير في المسجد الحرام بين الكعبة والمقام ، وانتهك حرمة الحرم الذي كانت الجاهلية تعظمه ولا تستبيح دماء الوحش فيه فضلا عن البشر ، وأعطى عهد الله وميثاقه لابن عمه عمرو بن سعيد الأشدق ثم قتله غدرا وغيلة حتى قال فيه عبد الرحمن بن الحكم من أبيات : غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل * ومثلكم يبني العهود على الغدر [3]
[1] ربيع الأبرار 1 : 494 . [2] ينقسم الأمويون إلى بطنين كبيرين ، هما : العنابسة ، والأعياص . فالعنابسة يعودون بنسبهم إلى عنبسة عم أبي سفيان بن حرب ، ومنه سرت تسميته عليهم ، فأسموا بالسفيانيين . وأما الأعياص فيعودون بنسبهم إلى رجل يقال له : العيص ، أو العويص ، أو العاص ، أو أبا العاص ، والذي من أبنائه الحكم ، طريد رسول الله صلى الله عليه وآله ، هو وابنه مروان سئ الذكر . فالسفيانيون كانوا هم الذين امتطوا أول الأمر ناصية الدولة الاسلامية في عهد معاوية بن أبي سفيان عام ( 41 ه ) وحيث امتدت دولتهم حتى نهاية حكم معاوية الثاني وتسلم مروان ابن الحكم زمام الأمور عام ( 64 ه ) ليقيم بعد ذلك ما أسمي بالدولة المروانية ، خلفا للسفيانيين ، فشابه الخلف السلف . [3] روت المصادر التأريخية : أنه بعد أن خالف عمرو بن سعيد عبد الملك وغلبه على دمشق في سنة تسع وستين هجرية ، حصل بين الاثنين قتال استمر أياما ، ثم عقدا بينهما صلحا ، وكتبا بذلك كتابا ، وآمن عبد الملك عمروا وأعطاه على ذلك العهود ، إلا أن عبد الملك لم يلبث أن نقض عهده ، وضرب عرض الحائط بوعوده ، وخان وليست الخيانة إلا خصلة متواضعة من خصالهم بعمرو ، حيث أرسل إليه بعد أربعة أيام من دخوله دمشق مستضيفا إياه ، ومرحبا به أشد الترحيب ، فوثق به عمرو ، واطمأن إليه ، إلا أن عبد الملك لم أن يلبث أن قتله قتلة بشعة ، بعد أن احتال عليه بحيل ماكرة . أنظر : تأريخ الطبري 6 : 140 ، الكامل في التأريخ 4 : 297 ، مروج الذهب 3 : 304 ، العقد الفريد 5 : 155 .