والجماعة [1] والذين يتعبدون بفتاوى أئمة المذاهب الأربعة : أبو حنيفة ، مالك ، الشافعي ، وأحمد بن حنبل . فهناك الحنفي ، والشافعي ، والمالكي ، والحنبلي ، وجميع هذه المذاهب تلتقي وتفترق في جملة واسعة من المسائل ، وذلك أمر لا مناص منه . وأما الثقل الأكبر الثاني فيتمثل بالشيعة ، وأعني بهم الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، وهم ينقادون في فهم عباداتهم ومعاملاتهم لأهل بيت النبوة عليهم السلام ، الذين توارثوا علومهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فما افترق حكم اللاحق عن السابق ، بل كان مؤتمنا مؤديا . بلى إن الشيعة ترجع في أحكام دينها إلى هذه العترة الطاهرة التي يجب على المسلمين بنص القرآن الكريم اتباعهم وموالاتهم ومودتهم ، ينضاف إلى ذلك جملة واسعة من الأدلة الثابتة والصحيحة التي لا غبار عليها ، وهذا ما لا يحاول البعض تعنتا ومجافاة للحق إدراكه وتفهمه ، فيضع نفسه في المضيق دون أي مرتكز يعول عليه ، بل والأغرب من ذلك أن تجد من يتوسل تبريرا لموقفه المستهجن - وذلك ما ليس بخاف على أحد - بما تمليه عليه حالته النفسية القلقة ، لا المرتكزات العقائدية والفكرية التي ينبغي أن تسود هذه المباحث .
[1] لعله لا يخفى على أحد الأثر العظيم الذي خلفته الدهور المرة القاسية التي أحاطت بالشيعة وأعملت أنيابها فيهم تمزيقا وتقطيعا وبشكل متناوب متلاحق وساهمت بشكل مباشر في تحديد أعدادهم ، والحد من تكاثرهم بشكل جلي واضح للعيان ، وهذا ما سبق أن تقدم منا الحديث عنه سالفا . يضاف إلى ذلك ما لجأت إليه الحكومات الجائرة المتلاحقة من ترويجها وإسنادها للمذاهب الاسلامية الأخرى ، تنكيلا بالتشيع ، وتحجيما له ، لا حبا وإيمانا بتلك المذاهب في أغلب الأحيان ، وإن كان ذلك الأمر يتشكل في بعض الأحيان بصبغة التعصب الطائفي المقيت الخارج عن أي مفهوم شرعي .