اليأس وإلقاء ما في أيديهم وترك الحبال على غاربها ، لأن - وذلك منتهى الصدق والحق ما - يتفق عليه الأخوة الفرقاء هو أكثر مما يختلفون فيه ، وفي ذلك ما يشحذ في المصلحين الهمم ، ويدفعهم إلى مواصلة الجهد الدؤوب نحو التقريب والالتقاء . بيد إن المحاولات المعدودة - ومع اقتران أكثرها بصدق النية وصفاء السريرة تبقى قاصرة ودون الإحاطة الشاملة لأبعاد هذا الأمر الجسيم ، لأنها تبقى دائرة في الذيول دون الأصل - مرات كثيرة ويتعاطى معها بين الأخذ والرد . ولا غرو في ذلك إذ إن العلاج الأنجع لأي علة لا بد فيه من البحث عن الأسباب الرئيسية والأساسية في بروزها ، لا معالجة نتائجها ، وهذا ما عجز الكثيرون عن إدراكه ، أو الإشارة إليه صراحة ودون مواربة . . فتعاقبت الانتكاسات ، وتوالت الإخفاقات ، وستبقى طالما ما زلنا نجد من لا يتورع عن تزييف الحقائق ، وقلب المسميات بصلافة عجيبة ، ووقاحة لا تصدق . وحقا أقول : أن الحديث عن هذا الأمر يستثير في خواطر المرء الكثير من الشجون التي لا بدلها من تترجم للجميع دون مواربة ومخاتلة ، وتتطلب صدقا وإخلاص نية تتجاوز حدود الأهواء والنزعات النفيسة ، وتصبح معيارا وسبيلا لإدراك الحق والحقيقة ، لا شئ غير ذلك . . المسلمون في هذه المعمورة تشعبت بهم المذاهب ، ونأت ببعضهم عن بعض ، بمسافات تتباعد وتتقارب تبعا لمدى الوعي الفكري ، والفهم العقائدي ، وتتوسط بين الاثنين جماعة لا تجيد غير لغة التكفير البغيضة ، وإثارة النقع قبالة الحقائق الناصعة والثابتة . فالثقل الأكبر - وكما يعلم الجميع - لعدد المسلمين يتمثل بأهل السنة