الصولي الكاتب الشهير في دولة المتوكل ، وطلائع بن رزيك أحد وزراء الفاطمية المشاهير ، والأفضل أمير الجيوش في مصر وأولاده ، وأبو الحسن جعفر بن محمد بن فطير ، وأبو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب وزير المستظهر ، ومؤيد الدين محمد بن عبد الكريم القمي من ذرية المقداد ، تولى الوزارة للناصر ثم للظاهر ثم للمستنصر . والحسن بن سليمان ، أحد كتاب البرامكة ويعرف ب ( الشيعي ) أيضا كما في كتاب ( الأوراق ) للصولي [1] . ويحيى بن سلامة الحصكفي ، وابن النديم صاحب ( الفهرست ) ، وأبو جعفر أحمد بن يوسف وأخوه أبو محمد القاسم انظر في كتاب الأوراق للصولي قصائده البديعة في مديح أهل البيت ومراثيهم وكانا من أعيان الكتاب والمتقدمين في عصر المأمون ومن بعده ، وكذلك إبراهيم بن يوسف ، وأولادهم . والإمام في علوم العربية والنوادر : أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ، صاحب المعجم الذي نص السمعاني [2] وغيره على تشيعه واعتزاله [3] . إلى كثير يضيق [ عنهم ] الاحصاء .
[1] الأوراق . . [2] الأنساب للسمعاني : 521 . [3] في هامش نسخنا : التشيع بالمعنى الخاص ينافي الاعتزال ، ويكفي في تحقيق المباينة أن الشيعة تقول بالنص والمعتزلة لا تقول به ، ولكن كثيرا من الشيعة كانوا يتظاهرون بالاعتزال ، لمصلحة كانت يقتضيها ذلك الوقت ، ومنهم يحيى بن زيد العلوي ، الذي ينقل عنه ابن أبي الحديد جملة من التحقيقات العالية ، فليفهم هذا . إنتهى . أقول : نعم ، إن ما ذهب إليه السمعاني من الخلط في النسبة بين عقيدتين تستقل كل واحدة منهما عن الأخرى بعقائدها الخاصة بها ، والتي يجد الباحث عند استقراء هذه العقائد وضوح وجلاء هذا الاختلاف الذي قد يصل في أحيان عديدة إلى حالة تنافر لا يمكن معها الاغضاء أبدا عن ذلك الواقع الثابت مهما يلجأ إليه البعض من الخلط والتأويل والإقحام . . نعم ، ليس ذلك بالأمر الذي تفرد هو به ، بل تجد هذا الخلط الممجوج والمستهجن طافحا على سطح العديد من المؤلفات القديمة والحديثة ، حتى إني وقبل فترة قصيرة عندما كنت مشاركا بجهد متواضع في المؤتمر العالمي الخاص بالذكرى الألفية لوفاة الشيخ المفيد رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ( 1413 ه ) أثار تعجبي ترديد هذه العبارة الباهتة من قبل بعض الأساتذة والباحثين ، بشكل لا يجد المرء أمامه إلا التسليم بسريان حالة الفهم السطحي وغير العمي لخصائص كل عقيدة من هاتين العقيدتين باعتماد أفق ضيق في دراسة كل منهما كما وجدته في عمل المستشرق آدم متز أثناء حديثه عن الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري باعتماده على كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق فحسب لتقييم الصلة بين الشيعة والمعتزلة ! والترديد الحرفي وغير العلمي لما ورد في كتابات أولئك المستشرقين كما يتبين ذلك في كتاب فجر الاسلام للدكتور أحمد أمين أو بعض السابقين ممن جهدوا في تجريد الشيعة الإمامية من كل خصائصهم وعقائدهم ، استجابة لإارادات الحكام آنذاك من الذين دفعهم التعصب البغيض والتحزب الأعمى لمذاهبهم ، وعدائهم الواضح لأهل البيت عليهم السلام ، إلى اتخاذ هذا الموقف الملتوي والمفضوح من عقائد الشيعة الإمامية وأفكارها ، يضاف إلى ذلك وهو الأهم دأب أولئك الحكام على إيقاد نار الخلاف والتناحر الفكري والعقائدي بين فرق المسلمين المختلفة وتأجيجها في محاولة منهم لصرف أذهان الناس عن تلمس الوضع المزري التي تعيشه شعوبهم المغلوبة على أمرها ، كنتيجة منطقية لتسلط جملة مشخصة من الأفاقين والفاسدين على رقاب الأمة ، وانغماسهم في اللهو واصطياد المتع الرخيصة ومنادمة الجواري والغلمان ، وإشراعهم أبواب بيوت مال المسلمين أمام المغنين والراقصين والماجنين وغيرهم ، حين يحرم من ذلك المال أصحابه الشرعيين ، ومن ينبغي أن تصرف تلك الأموال فيهم . . فكان إيقاد ذلك الخلاف والاختلاف بين الفرق الاسلامية المختلفة خير وسيلة لصرف أذهان زعماء تلك المذهب والفرق وأتباعهم عن الالتفات الجدي إلى ذلك الأمر ، لأن ساحة المنازلة القسرية تكون في محاولة الدفاع عن وجودهم الفكري والعقائدي قبالة التحديات الفكرية المطروحة أمامهم ، وهذا ما سعى له الحكام آنذاك وأتباعهم ، فكان ورغم ما نتج عنه من نتاجات واسعة شكلت بالتالي البنيان الأساسي لجملة من عقائد الفرق المختلفة ، وتأكيد الهوية المستقلة للمذاهب المتعددة ، إلا أنها وفي مواضع كثيرة وذلك مما يثير الأسى والأسف كانت أشبه بساحة قتال غير عقلائية ، انشغل فيها المسلمون من أتباع تلك الفرق المختلفة باتهامهم البعض للآخر ، والطعن فيه وتكفيره ، بل واشتداد حدة هذا الخلاف بينهم حتى تصل في أحيان عدة إلى وقوع صراعات دموية مؤسفة أريقت فيها الدماء ، واستبيحت فيها الأموال والأعراض ! بلى إن ذلك كان مما يروق لأولئك الحكام ويثلج صدورهم ، بل ومدعاة لإطالة أمد حكمهم ، وتلك حقيقة لا يعسر على أحد تلمسها وإدراكها . من خلال مراجعة الفترة الزمنية التي شهدت ولادة العديد من تلك الفرق أبان القرن الهجري الثاني وما بعده ، وانضواء الكثيرين واتباعهم لزعماء تلك المذاهب ومفكريها ، وبالتالي توظيف إمكاناتهم المختلفة في الدفاع عن هذه العقائد ورد عقائد الآخرين وتوهينها . هذا في الوقت الذي كان فيه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم يواصلون جهدهم الرصين في خدمة هذا الدين الحنيف ، حيث كانت تعج مدارسهم ومجالسهم في الكوفة والبصرة وبغداد بالآلاف من الطلبة والدارسين ، ويتزايد عدد شيعتهم ومريديهم بشكل بين أقلق المراكز الفاسدة وأعوانها ، بل وحتى رموز بعض المذاهب الاسلامية المختلفة مع الأسف الكثير ، فكانوا في أحيان كثيرة عونا مع السلطة الظالمة على إخوانهم في الدين ، فتأمل . ثم إن الملفت للنظر كون حدة ذلك الصراع الفكري آنذاك كانت على أشدها بين مدرستين كبيرتين هما : الأشاعرة ، والمعتزلة ، وحيث تتلخص قضية ذلك الخلاف في جمود المحدثين والفقهاء على النص ، وعزلهم العقل عن الدين ، بل وتجريده عن جميع صلاحياته الثابتة والتي نادت بها جميع الأديان ، حين كان يقابلهم على الضد موقف المعتزلة المفرط في تحكيم العقل ، وبالشكل الذي أثار الطرف الآخر ، فحدثت بينهما هذه الفجوة الرهيبة . هذا والحكام يجدون في ذلك الأمر تدعيما لأركان حكمهم ، وتثبيتا لملكهم ، فوقفوا إلى جانب الأشاعرة بعد أن كانوا ميالين إلى المعتزلة ومقربين لهم وتبنوا آرائهم ، وطعنوا في آراء الآخرين بعد أن أقروا أربعة من المذاهب الفقهية الاسلامية وأعرضوا عن غيرها . إن هذا الموقف المتعجرف دفع إلى الظل بالكثير من الآراء والعقائد الأخرى ، وبالتالي تهيئة المجال لخدم السلطة والمتحجرين من أتباع المذهب الذي تؤمن به السلطة إلى الطعن بعقائد الآخرين ، وتزييف الكثير من الحقائق والثوابت ، وتركيز جملة مشوشة وهجينة من الأطروحات الباهتة ، ومن ضمنها هذا الخلط الواضح بين عقائد الشيعة الإمامية وبين عقائد المعتزلة . ونحن وإن لم نكن في معرض إثبات بطلان الشبهات القائلة بأن الإمامية عيال على المعتزلة في أصول عقائدهم ، أو أنهم مقلدون لهم ، أو غير ذلك من التفاهات المردودة ، والتي تصدى لإثبات بطلانها وردها الكثير من علماء الطائفة ومفكريها بشكل واضح وجلي لا جدوى من الاستفاضة في التعرض له ، مع إدراكنا الواضح بأن المجال هنا لا يتسع لها ، إلا إنا سنحاول من خلال هذه الأسطر المحدودة الإشارة المختصرة إلى الاختلافات الجوهرية بين هاتين العقيدتين الاسلاميتين . فالأصول الخمسة التي تشكل أساس مذهب الاعتزال والتي هي : التوحيد ، والعدل ، والوعد والوعيد ، والمنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تترتب عليها دون شك جملة مفاهيم وتصورات تشكل القاعدة العقائدية للمعتزلة ، والتي تبدو عند مقارنة الكثير منها بآراء الإمامية شديدة التباين ، واسعة الاختلاف ، ولعل من جملة تلك الآراء المنبعثة عن تلك الأصول ، والتي خالفهم بها الإمامية ، وتعرضوا لهم فيها بالمناقشة والإبطال : قولهم بأن الأشياء كانت قبل حدوثها أشياء ، والجواهر أيضا كانت في حال عدمها جواهر ، وكذا هو حال الأعراض والألوان والحركات . ومن ذلك أيضا : قولهم بأن الانسان هو الذي يصنع أفعاله بنفسه ، متوافقين في ذلك مع القدرية ، وذاهبين فيه إلى التفويض . ومن ذلك أيضا : ما ذهبوا إليه من أن الوفاء بالوعيد واجب على الله تبارك وتعالى ، خلاف الإمامية الذين يذهبون إلى عدم وجوبه . ومن ذلك أيضا : قولهم بأن مرتكب الكبيرة بين الإيمان والكفر ، وأنه يخلد في النار ، حين إن الإمامية يذهبون إلى اعتباره مؤمنا فاسقا مستحقا للعقاب على قدر ما أجرم . يضاف إلى ذلك جملة واسعة من الاختلافات الجوهرية في مسائل الصفات ، والحسن والقبح العقليين ، ووجوب اللطف ، والشفاعة ، والتي شغلت في مؤلفات أصحابنا رحمهم الله تعالى مساحات واسعة ، وجوانب مهمة ، بل إن العديد من أعلام الطائفة أفردوا العديد من مؤلفاتهم للرد على عقائد المعتزلة أبان تلك الحقب السالفة والتي شهدت فترة الاحتدام ، والصراع الفكري والعقائدي بين عقائد الفرق الاسلامية المختلفة ، أمثال شيخنا المفيد رحمه الله تعالى ( ت 413 ه ) حيث ألف كتابا في الرد على الجاحظ المعتزلي ، وآخر في نقض فضائل المعتزلة ، وكذا كتابه الشهير ( الفصول المختارة ) وكتاب ( الوعيد ) وغيرها ، وحيث تعرض رحمه الله تعالى برحمته الواسعة إلى إيراد جملة آرائهم التي خالفوا بها الشيعة في مطاوي كتابه الشهير المعروف ب ( أوائل المقالات ) والتي كان من أوضحها : إنكارهم نص النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام ، مع إنكارهم أيضا وجود نص بإمامة الحسن والحسين عليهما السلام ، وكذا هو حال الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، حيث أنكروا بأجمعهم أن يكون إماما للأمة بما يوجب به الإمامة لأحد من أئمة المسلمين ، بل إنهم أنكروا ما تعتقد به الشيعة الإمامية من أن الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله اثنا عشر إماما ، مع مخالفتهم لهم في مسألة عصمة الإمام ، حيث جوزوا أن يكون الأئمة عصاة في الباطن ، وأن يكونوا أيضا ممن يقارف الذنوب ، ثم إنهم أجازوا الإمامة في من لا معجزة له ، ولا نص عليه ، ولا توقيف ، مع تجويزهم لأن تكون الإمامة في غير بني هاشم ، بل وتجويزهم خلو الأزمان الكثيرة من إمام موجود ، فراجع . وكذا هو حال سيدنا المرتضى رحمه الله تعالى ( ت 436 ه ) والذي كان أبرز ما كتبه في ذلك كتابه الشهير ( الشافي ) ردا على كتاب المغني لعبد الجبار المعتزلي . وغير ذلك ، فتأمل . راجع : أوائل المقالات : 45 ، كشف المراد : 261 ، الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : 239 ، مقالات الاسلاميين 1 : 330 ، شرح المقاصد 2 : 230 ، تأريخ المذاهب الاسلامية : 138 ، الملل والنحل 1 : 43 ، مذاهب الاسلاميين : 40 ، شرح الأصول الخمسة : 625 وما بعدها ، الملل والنحل من كتاب البحر الزخار : 12 ، الحور العين : 204 .