يقول ذلك الشاب : فكنت أستغرب ذلك وأقول لهم : وما الشيعة ؟ وهل هي إلا مذهب من مذاهب الاسلام ، وطائفة من طوائف المسلمين ؟ فيقول قائلهم في الجواب ما حاصله : كلا ليست الشيعة من المسلمين ! ولا التشيع من مذاهب الاسلام ! بل ولا يحق أن يكون أو يعد مذهبا أو دينا ! وإنما هي طريقة ابتدعها الفرس ! وقضية سياسية لقلب الدولة الأموية إلى العباسية ! ولا مساس لها بالأديان الإلهية أصلا ! ثم يكتب ذلك الشاب تلو هذا : وأنا يا سيدي شاب مترعرع ، لا علم لي بمبادئ الأديان ، وتشعب المذاهب وفلسفة نشأها وارتقائها ، وكيف انتشرت ، ومن أين ظهرت ، وقد دخلني من أولئك الفخام الجسام المعدودين من الأعلام شك من أمر تلك الطائفة ، وصرت على شفا ريبة من إسلامهم ، فضلا عن سلامتهم . ثم أخذ يتوسل إلي بالوسائل المحرجة أن أكشف له عن صميم الحقيقة ، ولباب الواقع ، كي يستريح من حرارة الشك إلى برد اليقين وروح الطمأنينة . يقول : وإذا لم تنقذني من تلك المتاهة فالمسؤولية عليك إن زللت أو ضللت . فكتبت إليه ما اتسع له ظرف المراسلة ، واحتمله كاهل البريد ، وما يلائم عقلية ذلك الشاب ، وما رجوت أن يزيح عن فؤاده كابوس الشك والارتياب ، ولكني حملت على شواعري من الاستغراب أضعاف ما كان يحمل هو من الارتياب ، وطفقت تتعارض على خواطري أسراب الشكوك من صحة تلك الواقعة ، وإنه كيف يمكن أن يبلغ الجهل والعناد بعلماء بلاد هي في طليعة المدن العلمية الاسلامية ، ومطمح أنظار العرب ، بل كافة المسلمين في تمحيص الحقائق ، وتمزيق جلابيب الأكاذيب ، المنبعثة على الأكثر عن الأغراض والأهواء ، أو الاسترسال إلى مفتريات السفلة