حثيثا ، وشوقها إلى استعمال الدواء لقطع مادة ذلك الداء الخبيث ، والعلل والأمراض المهلكة ، قبل أن تقضي على هذا الجسد الحي ، فيدخل في خبر كان ، ويعود كأمس الدابر . صرخ المصلحون فسمع المسلمون كلهم عظيم صرخاتهم بأن داء المسلمين تفرقهم وتضارب بعضهم ببعض ، ودواؤهم - الذي لا يصلح آخرهم إلا به كما لا يصلح إلا عليه أو لهم ألا وهو الاتفاق والواحدة ، ومؤازرة بعضهم لبعض ، ونبذ التشاحن ، وطرح بواعث البغضاء والإحن والأحقاد تحت أقدامهم ، ولم يزل السعي لهذا المقصد السامي ، والغرض الشريف إلى اليوم دأب رجالات أنار الله بصائرهم ، وشحذ عزائمهم ، وأشعل جذوة الاخلاص لصالح هذه الأمة من وراء شغاف أفئدتهم ، فما انفكوا يدعون إلى تلك الوحدة المقدسة " وحدة أبناء التوحيد " وانضمام جميع المسلمين تحت راية " لا إله إلا الله محمد رسول الله " من غير فرق بين عناصرهم ، ولا بين مذاهبهم . يدعون إلى هذه الجامعة السامية ، والعروة الوثقى ، والسبب المتين الذي أمر الله تعالى بالاعتصام به ، والحبل القوي الذي أمر الله عز وجل به أن يوصل ، يدعون إليها لأنها هي الحياة ، وبها النجاة للأمة الاسلامية ، وإلا فالهلاك المؤبد ، والموت المخلد . أولئك دعاة الوحدة ، وحملة مشعل التوحيد ، أولئك دعاة الحق ، وأنبياء الحقيقة ، ورسل الله إلى عباده في هذا العصر ، يجددون من معالم الاسلام ما درس ، ويرفعون من منار المحمدية ما طمس ، وكان بفضل تلك المساعي الدائبة ، والجهود المستمرة من أولئك الرجال ( وقليل ما هم ) قد بدت بشائر الخير ، وظهرت طلائع النجاح ، ودبت وتسربت في نفوس المسلمين تلك الروح الطاهرة ، وصار يتقارب بعضهم من بعض ، ويتعرض