فضمنت ذلك له ، فدفعها إليّ وقرأها كلّها علَيّ ، فلم يلبث سليم أن هلك . فنظرت فيها بعده وفظعت بها وأعظمتها واستصعبتها ، لأنّ فيها هلاك جميع اُمّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من المهاجرين والأنصار والتابعين ، غير عليّ بن أبي طالب وأهل بيته عليهم السلام وشيعته . فكان أوّل من لقيت - بعد قدومي البصرة - الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو يومئذ متوار من الحجّاج ، والحسن يومئذ من شيعة عليّ بن أبي طالب من مفرطيهم ، نادم متلهّف على ما فاته من نصرة عليّ والقتال معه يوم الجمل ، فخلوت به في شرقي دار أبي خليفة الحجّاج بن أبي غياث ، فعرضتها عليه ، فبكى ثمّ قال : ما في حديثه شيء إلاّ حقّ ، قد سمعته من الثقات من شيعة عليّ وغيرهم » [1] . فمن مراجعة هذه الكتب يظهر انحصار رواية كتاب سليم بأبان بن أبي عياش . . . وأبان عند الإماميّة ضعيف أو كذّاب ؟ لكنّ أجلاّء هذه الطائفة كابن داود وغيره من أكابر فنّ التنقيد يصرّحون بضعفه ، وجمع منهم قالوا : هومفتر كذّاب ، وأنّه الذي افترى على سليم ووضع الكتاب عليه ، فاعتبروا يا اُولي الأبصار . أقول : أمّا قول « الشيخين » بانحصار رواية كتاب سليم بأبان بن أبي عيّاش ، فإنْ أراد من « الشيخين » : الكشّي والنجاشي ، - كما هو مصطلح العلاّمة المجلسي
[1] كتاب سليم بن قيس 2 : 558 - 559 . مقدّمة الكتاب .