كأبي المعالي وغيره لا يثبتون إلاّ الصفات العقليّة ، وأمّا الجبريّة فمنهم من ينفيها ومنهم من يتوقّف فيها كالرازي والآمدي وغيرهما . . . » . حديث الطينة ومعناه ولا يتوهّم دلالة حديث الطينة المروي في كتب أصحابنا على الجبر ، فيكون منافياً لما ذهبوا إليه من قواعد العدل ، لأنّ رواية الحديث الموهم لما تقرّر في المذهب خلافه لا تجوّز نسبة مؤدّاها إلى الطائفة ، وهذا القرآن الكريم ، والآيات الموهمة للتجسيم والتشبيه وغير ذلك كثيرة فيه ، فلو صحّ نسبة الإماميّة إلى الجبر لمجرّد خبر الطينة ، صحّ نسبة التجسيم وغيره من المذاهب الفاسدة إلى أهل الإسلام . وعلى الجملة ، فإنّ مجرَّد رواية مثل هذا الحديث لا يصحّح نسبة الجبر إلى الأصحاب ، بخلاف الأشاعرة الذين هم أئمّة أهل السنّة ومشايخهم ، القائلين بنفي اختيار العباد وقدرتهم بكلّ صراحة كالإمام الرازي وأمثاله . وإنّ حديث الطينة المتضمّن ردّ حسنات المخالفين إلى الشيعة ، وردّ سيئات الشيعة إلى المخالفين فيه جهتان : أمّا عدم ترتّب الأجر والثواب للمخالف على أعماله الصالحة ، فلأنّ قبول الأعمال منوط بالإيمان ، ولمّا كان مخالفاً فاقداً للإيمان فلا أجر له . وأمّا ردّ الثواب والحسنة إلى أهل الحقّ فذاك بفضل الله سبحانه وإحسانه . . . وأمّا ردّ معاصي الشيعة إلى المخالفين ، فلعلّه لأنّ المخالفين - لمنعهم من ظهور بركات أهل البيت عليهم السلام في الناس ، ومساعدتهم لأهل الظلم والجور والبغي للاستيلاء والسلطة - كانوا هم السبب الحقيقي لصدور