لأنّ العبد حينئذ إمّا لا دخل له أصلاً فيرجع إلى مذهب الجبريّة وإمّا له دخل ناقص باعتبار أنّه محلّ القدرة الغير المؤثّرة التي خلق الله تعالى الفعل فيه مقارناً إيّاها ، فمناط ذلك الفعل وموجده وخالقه ليس إلاّ هو فإنّما عاقب على ما خلقه فذلك أيضاً يوجب تلك النسبة الباطلة . والحلّ عنها على طريق الحنفيّة : إنّ العبد لمّا كان كاسباً لفعله كما عرفت وسيجئ تحقيقه كما هو وأجرى الله عادته أن يخلق الفعل عقيبه ولا يخلق عند عدم كسبه ، فذلك مناط العقاب ولا يلزم إذن فساد اتّجاه التكليف ، ومن هاهنا صحّ انتساب أفعال العباد إليهم ، وذلك هو المناط في اللغة والعرف لا يوجب أن يكون الفاعل خالقاً لفعله ، نعم يلزم الأشاعرة القائين بالقدرة الوهميّة تلك النسبة الباطلة ، ولذلك قيل إنّها كفؤ للجبر » . فقد صرّح بلزوم الظلم على مذهب الأشاعرة . وقال أيضاً : « ولابدّ هاهنا من تمهيد مقدّمات : منها : إنّ حسن الأفعال وقبحها عقلي ، على المذهب المنصور ، وهو مذهب أبي منصور الماتريدي ، بناء على بطلان الترجيح بلا مرجّح ، فإن جعل بعض الأفعال مناطاً للثواب والمدح والبعض الآخر مناطاً للعقاب والذم بلا موجب مرجّح من ذاتها مستحيل قطعاً ، والصانع الحكيم لا يرجّح المرجوح بل المساوي . وبالجملة : حكمة الأمر قاضية بأنّ تخصيصات الأفعال بثمراتها لابدّ لها من مرجّح من ذواتها وقد بيّن في موضعه ، وما أحسن ما قال الشيخ الأكبر محي الدين بن علي العربي في بعض مصنّفاته : لو لم يكن للأفعال خصوصيّة داعية إلى ثمراتها المخصوصة بها ، ويكون الأفعال التي على هوى