تعملون ) . وقال بعضهم : بل موجود فيجب التخصيص بالعقل لأنّه أدنى ما يتحقّق به فائدة خلق القدرة ، ويصحّ اتّجاه التكليف شرطاً . الثالث : مذهب المعتزلة ، وهو أنّها واقعة بقدرة العبد وحدها على الاستقلال . والرابع : ما قال جماعة أنّها بالقدرتين معاً . والخامس : مذهب الحكماء وإمام الحرمين وأبي الحسين : أنّها واقعة على سبيل الوجوب بقدرة يخلقها الله تعالى في العبد إذا قارنت الشرائط وارتفع الموانع ، وليس ببعيد لكنّه راجع بالأخرة إلى مذهب المعتزلة كما يظهر بالتأمّل . وهاهنا مذهب سادس وهو مذهب الجهميّة وهو : أنّه لا قدرة للعبد ولا دخل له أصلاً بل هو كالجماد ، فمع أنّه سفسطة يلزم عدم اتجاه التكاليف الشرعيّة ، فإنّ العقل يقطع بامتناع تعلّق العقاب بالفعل الواجب أو الممتنع من الفاعل بل يلزم نسبة الظلم إليه ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً و ( إنّ الله ليس بظلاّم للعبيد ) و ( لا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها ) . والمذهب الرابع يوجب توارد المؤثّرين المتلازمين على أثر واحد إن أرادوا أنّ القدرتين مستقلّتان في التأثير ، وإن أرادوا أنّ أحداهما مستقلّة بالفاعليّة والاُخرى من الشرائط ، فيرجع إلى مذهب المعتزلة أو أحد الأوّلين . احتجّت المعتزلة : تارة بالنصوص الدالّة على عموم نسبة الخلق إليه تعالى وقد مرّ ، وتارة بأنّه لولا استقلال العبد في أفاعيله لبطل التكليف بالأمر والنهي ولم يصحّ الثواب والعقاب والمدح والذم ، بل ينتفي فائدة البعثة ،