فرض أنّ مجموع الكفّار قالوا كذلك ، فأيّ اعتبار بقول الكفّار ؟ وأمّا ما ذكره في الوجه الثاني ، فليس إلاّ وساوس ظلمانيّة وتلبيسات شيطانيّة ، ومحصّلها الكفر والزندقة والإلحاد . وأمّا ما ذكره في الوجه الثالث ، ففي غاية الضعف ولا محصَّل له ، وأيّ ارتباط لمقصوده بقضيّة كسر الأصنام التي رواها ابن أبي شيبة وأبو يعلى وأحمد والطبري والحاكم والخطيب والنسائي وأمثالهم من الأعلام [1] . وهل رئاسة عبد المطلب وعبد الله لقريش تستلزم عبادة الأصنام ؟ إنّه لا يقول بذلك إلاّ الجهلة الأغثام والسفهاء اللئام ! كيف لا ؟ وقد قال السيوطي في ( طراز العمامة في الفرق بين العمامة القمامة ) في بيان المسالك التي سلكها في إثبات إسلام أبوي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « الثالث : إنّهما كانا على دين إبراهام ، ما عبدا قطّ في عمرهما الأصنام ، وأحاديث هذا المسلك قويّة السند ، كثيرة العدد ، عظيمة المدد ، لا يقوم لردّها أحد » . وأمّا ما ذكره عن إبراهيم عليه السلام ، فبطلانه يتّضح بمراجعة ( رسائل السيوطي ) و ( المنح المكيّة ) لابن حجر المكي ، وأمثالهما . وبالجملة ، فإنّ القائلين منهم بهذا القول الباطل والرأي الفاسد كثيرون ، ولنذكر كلمات بعضهم :
[1] كنز العمال للمتقي الهندي ، عن ابن أبي شيبة وأبي يعلى وابن جرير ، مسند أحمد 1 : 84 ، خصائص علي : 225 الحديث 122 ، المستدرك 2 : 366 و 3 : 5 .