أنظار أهل العلم ومحور أفكار أهل الفهم . . . فقد زخرت بأسرار الحكمة الإلهيّة ، وكشفت عن أستار كثير من المعارف الدينيّة ، واشتملت على اُمّهات الحقائق المعنويّة . . . فيها براهين إثبات المبدء والمعاد ، ومباحث صفات الباري وآيات عظمته وحكمته . . . ثمّ جاءت هذه المعاني في قالب الأدعية ، على لسان حفيده الإمام السجّاد عليه السلام . . . وعرف بالصحيفة السجّاديّة . وجاءت على شكل الإملاء عن الإمام الصادق عليه السلام فيما نقله المفضَّل بن عمر ، وعرف بكتاب : توحيد المفضّل . وأمّا جلسات الدّرس والسؤال والجواب ، فعن الحافظ أبي العبّاس ابن عقدة الكوفيّ المتوفى سنة 333 أنّه وضع كتاباً في أسماء تلامذة الإمام الصادق عليه السلام ، فذكر ترجمة 4000 رجل منهم [1] . وعن الحسن الوشاء : « إنّي أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - 900 شيخ كلٌّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّد » [2] . ومن هنا ، انتشر التشيّع وأحاديث أهل البيت عليهم السلام بين أهل الكوفة ، وأصبحت الكوفة مركزاً من مراكز الإشعاع الفكريّ لمذهب العترة الطاهرة ، ومعقلاً من معاقل أتباعهم الأخيار ، ودخلت رواياتهم في كتب أهل السنّة وخاصّةً صحاحهم المعروفة ، فإنّهم - وإنْ نبزوهم بالرفض للمتقدّمين على علي عليه السلام - لم يتمكّنوا من رفض روايات الشيعة ، لاتّصافهم بأسمى صفات الوثاقة وأتمّ شروط الاعتبار والاعتماد ، حتّى قال الذهبي :
[1] تاريخ الكوفة : 408 . [2] رجال النجاشي - ترجمة الوشاء .