قلت : أجاب الغزالي في كتاب النفخ والتسوية عن هذا وعن قوله عليه الصلاة والسلام : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، بأنّ المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد ، فإنّه قبل أنْ ولدته اُمّه لم يكن موجوداً مخلوقاً ، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود . . . » [1] . فإنّ هذا الكلام يفيد أنّ الغزالي ينكر تقدّم خلق الأرواح على الأجساد ، ولا يسلّم بأنّ للخلق وجوداً سابقاً على ولادتهم الظاهريّة في هذا العالم ، ولا يرى خلقةً للنبيّ قبل وجوده الظاهري ، فضلاً عن القول بالوجود في عالم الذرّ . ومن الواضح أنّ أخذ الميثاق في عالم الأرواح فرع على وجودها فيه . فالغزالي ينكر وقوع الميثاق في ذلك العالم مع دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة من طرقهم في ذلك ، وكونها مخرّجةً في كتابي البخاري ومسلم ، وفي الموطّأ لمالك [2] ، وغيرها من كتبهم . . . كما أنّ السيوطي أخرج ما يقارب الخمسين حديثاً في أخذ الميثاق من ذريّة آدم في عالم الأرواح ، بذيل الآية المباركة من ( الدرّ المنثور ) [3] . وقد نصَّ الشعراني في ( اليواقيت ) على ابتناء كثير من الإعتقادات في إثبات الحشر والنشر على مسألة الميثاق [4] . وحينئذ ، فكلّ جواب يذكرونه من طرف الغزالي ، فهو الجواب من طرف السيّد المرتضى لو صحّت النسبة إليه !
[1] شرح المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّدية 1 : 36 . [2] الموطأ 2 : 898 - 899 / 2 كتاب القدر ، باب النهي عن القول بالقدر . [3] الدر المنثور 3 : 598 - 607 . [4] اليواقيت والجواهر : 439 - 442 .