أقول : ومثله في إثبات علم الله عزّوجلّ بالأشياء كلّها قبل كونها ، وأنّه ليس معنى أخبار البداء ظهور الأمر له تعالى ، كلمات غيره من أعلام الطائفة ، بل صريح بعضهم أنْ أخذ « البداء » بمعنى العلم بعد الجهل كفر : قال الشيخ الصدوق : « وعندنا : من زعم أنّ الله تعالى يبدو له اليوم في شيء لم يعلمه أمس ، فهو كافر ، والبراءة منه واجبة » [1] . وقال الشيخ المفيد : « وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ، ولا من تعقب الرأي ، تعالى الله عمّا يقول المبطلون علوّاً كبيراً » [2] . وقال الشيخ الطوسي : « والوجه في هذه الأخبار : ما قدّمنا ذكره من تغيير المصلحة فيه واقتضائها تأخير الأمر إلى وقت آخر على ما بيّناه ، دون ظهور الأمر له تعالى ، فإنّا لا نقول به ولا نجوّزه ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً » . بل قال : « فأمّا من قال بأنّ الله تعالى لا يعلم بشيء إلاّ بعد كونه ، فقد كفر وخرج عن التوحيد » [3] . وكذلك كلام غير هؤلاء من علمائنا المتقدّمين والمتأخّرين .
[1] كتاب التوحيد : 135 باب العلم . [2] تصحيح الاعتقاد : 200 . [3] كتاب الغيبة : 430 - 431 .