يصرّح بالتجسيم بلسانه لكنّه يقول بالجهة ، وأسلم ما في ذلك أنّه يلزم منه القول بالتجسيم ، وفي ملزوم المذهب خلاف مشهور عند العلماء ، هل هو مذهب أم لا ؟ هذا إذا اقتصر على اعتقاد الجهة ، فأمّا إذا اعتقد الحركة والنزول والجارحة فصريح في التجسيم » [1] . ولا تتوهَّمن أن هذه المقالات الفاسدة إنما قال بها المتأخّرون من تلقاء أنفسهم ، فإنّهم قد تبعوا فيها أسلافهم . . . جماعة من القدماء فإنّ ذلك مذهب جماعة من القدماء . . . فقد قال في ( الملل والنحل ) بعد ذكر مذهب أحمد بن حنبل وأمثاله من منع تأويل الآيات الدالّة على التشبيه : « وليس - أي هذا المذهب - من التشبيه في شيء ، غير أنّ جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشويّة صرّحوا بالتشبيه ، مثل الهشامين من الشيعة ، ومثل مضر وكهمس وأحمد الهجيمي وغيرهم من أهل السنّة قالوا : معبودهم صورة ذات أعضاء وأبعاض روحانيّة وجسمانيّة ، ويجوز عليه الانتقال والصعود والنزول والاستقرار والتمكّن . فأمّا مشبّهة الشيعة ، فسيأتي مقالاتهم في باب الغلاة . وأمّا مشبّهة الحشويّة ، فقد حكى الأشعري عن محمّد بن عيسى أنّه حكى عن مضر وكهمس وأحمد الهجيمي إنّهم أجازوا على ربّهم الملامسة والمصافحة ، وإنّ المخلصين من المسلمين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حدّ الإخلاص والاتحاد المحض ، وحكى الكعبي عن بعضهم إنّه كان يُجوّز الرؤية في الدنيا وأن يزوره ويزورهم . ويحكى عن
[1] مرآة الجنان وعبرة اليقظان 3 : 76 - 77 ترجمة الحافظ أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة .