أمير المؤمنين سيّدنا علي رضي الله عنه ما صحّ إيمانه فإنّه آمن في حال صباه ، وتفوّه في حقّ أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وعليهم ما لا يتفوّه به المؤمن المحقّ ، وقد ورد الأحاديث الصحاح في مناقبهم في الصحاح . وانعقد مجلس في قلعة حبل ، حضر العلماء الأعلام والفقهاء العظام ، ورئيسهم كان قاضي القضاة زين الدين المالكي ، وحضر ابن تيميّة ، فبعد القيل والقال ، بهت ابن تيميّة وحكم قاضي القضاة بحبسه ، وكان ذلك سنة سبع مائة وخمس من الهجرة ، ثمّ نودي بدمشق وغيره : من كان على عقيدة ابن تيميّة حلَّ ماله ودمه ; كذا في مرآة الجنان للإمام أبي محمّد عبد الله اليافعي ، ثمّ تاب وتخلّص من السجن سنة سبع مائة وسبع من الهجرة وقال : إنّي أشعريّ ، ثمّ نكث عهده وأظهر مكنونه ومرموزه ، فحبس حبساً شديداً مرّة ثانية ، ثمّ تاب وتخلّص من السجن وأقام في الشام ، وله هناك واقعات كتبت في كتب التواريخ . وردّ أقاويله وبيّن أحواله الشيخ ابن حجر في المجلّد الأوّل من الدرر الكامنة ، والذهبي في تاريخه ، وغيرهما من المحقّقين . هذا كلام وقع في البين . والمرام أنّ ابن تيميّة لمّا كان قائلاً بكونه تعالى جسماً قال بأنّه ذو مكان ، فإنّ كلّ جسم لابدّ له من مكان على ما ثبت ، ولما ورد في الفرقان الحميد ( الرحمان على العرش استوى ) قال : إنّ العرش مكانه ، ولمّا كان الواجب أزليّاً عنده وأجزاء العالم حوادث عنده ، فاضطرّ إلى القول بأزليّة جنس العرش وقدمه وتعاقب أشخاصه الغير المتناهية ، فمطلق التمكّن له تعالى أزليّ والتمكّنات المخصوصة حوادث عنده كما ذهب المتكلّمون إلى حدوث التعلّقات » .