« ومن زعم أنّ عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحناً : أرى في خطّه لحناً إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرّف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب ، فقد أبطل ولم يصب ; لأنّ الخط منبىء عن النطق ; فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخّر فساداً في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنّه كان مواصلاً لدرس القرآن متقناً لألفاظه موافقاً على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي » [1] . وقال : « أخرج - أي ابن أشتة - عن إبراهيم النخعي أنّه قال : « إن هذان لساحران » و « إنّ هذين ساحرين » سواء ، لعلّهم كتبوا الألف مكان الياء ، والواو في قوله : « والصابئون » و « الرّاسخون » مكان الياء . قال ابن أشتة : يعني إنّه من إبدال حرف في الكتابة بحرف ، مثل الصّلاة والزّكاة والحياة . وأقول : هذا الجواب إنّما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأمّا والقراءة على مقتضى الرسم فلا » [2] . ثمّ ذكر السيوطي جواباً آخر جعله أقوى ما يجاب به ، قال : « ثمّ قال ابن أشتة : أنبأنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ثنا حميد بن مسعدة ، ثنا إسماعيل أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : لمّا فرغ من هذا المصحف اُتي به عثمان فنظر فيه ، فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا . فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتّضح معنى ما تقدّم ، فكأنّه عرض عليه
[1] الإتقان في علوم القرآن 2 : 322 . [2] الإتقان في علوم القرآن 2 : 324 - 325 .