نام کتاب : أجوبة مسائل ورسائل في مختلف فنون المعرفة ( موسوعة إبن إدريس الحلي ) نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 260
غزارة علمه الدّفين ، وذهنه الرصين ، وتبحّر عميق ، وتدبّر دقيق ، واستشهاده للفريقين والمقالتين بالحجج الواضحة ، والبراهين اللائحة ، بما يكاد يتكافأ فيه القولان ، ويرجّح به المسألتان . والّذي قوي عندي ، وتبلّج بيانه ، وتجلّى برهانه ، إن مسح رجليه وهو قائم في الماء بعد إخراجه لهما فقد أجزأه لتناوله ظاهر الكتاب ، ومتون الأخبار ، وألفاظ السنّة المقطوع بها ، والآثار ، إذ لا يصرفنا عن حكم الظاهر إلّا الدليل الواضح ، والبرهان اللائح . فأمّا ظاهر القرآن فقوله عز وجل : * ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) * [1] وهذا قد مسح وفعل ما أمر به في ديانته ، وأتى بمتضمّن الأمر على حقيقته ، واستعمل المشروع له في شريعته ، ولم يقم دليل قاطع على أنّ العضو الممسوح يجب أن يكون ناشفاً حال المسح ، وأيضاً الأصل الجواز والمنع يحتاج إلى دليل . فأمّا قول القائل واحتجاج المحتجّ على بطلان هذا الوضوء والمسح وارتفاع الإجزاء به ، من أنّ الإماميّة أجمعت على أنّ المتوضّئ في الحرّ الشديد الّذي ينشف الماء إذا توضّأ وأراد أن يمسح ولم يبق في يده نداوة ، أخذ من حاجبيه وأشفار عينيه أو لحيته إن كان في شيء من ذلك نداوة ومسح ، فإن لم يبق في ذلك نداوة استأنف الوضوء ، فلو لم يعتبروا أن تصل نداوة الوضوء إلى الرأس والرّجلين لم يوجبوا استيناف الوضوء ، ومن رفع رجله من الماء ومسح عليها ،