ما يمكن للخصم أن يدعيه أنه لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، فأما إذا توبع ، فإن حديثه يكون ثابتا محفوظا ، وسيأتي إن شاء الله بيان من تابعه على هذا الحديث . وأما قول أبي زرعة ، فتليين مبهم ، ولا ينزل حديثه عن درجة الصحيح ، وتضعيف أبي داود إياه جرح غير مفسر ، فيرد عليه ولا كرامة . بل قد دل قول الذهبي في ميزان الاعتدال [1] - بعد إيراده الحديث من طريقه - : ما أدري من وضعه ؟ على عدم اعتداده بتضعيف أبي داود له - مع ذكره آنفا - إذ لو كان في ابن الرومي أدنى غمز لما تقاعد عن إلصاق الحديث به . ثم يقال للذهبي : أليس من خبث السريرة وعمى البصيرة الطعن في هذا الحديث ، وأنت تذعن لجودة سنده ونقاوته ؟ ! بل ما لك تحتار فلا تدري من وضعه ، لا دريت ولا ائتليت ، وما أحق أن ينشد فيك قول أبي الطيب : سميت بالذهبي اليوم تسمية * مشتقة من ذهاب العقل لا الذهب ولعمر الله إن أحدا لم يضع هذا الحديث ، بل قد نطق به الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) [2] بيد أن معشر الناصبة - قبحهم الله وأخزاهم - لا يطيقون صبرا على سماع هذه المنقبة الشريفة وأضرابها ، فيقدمون على ردها دفعا بالصدر ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم
[1] ميزان الاعتدال 3 / 668 . [2] سورة النجم 53 : 3 و 4 .