وقال الحافظ أبو سعيد العلائي في النقد الصحيح [1] : ليس هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول ، بل هو مثال قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أرأف أمتي بأمتي أبو بكر ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل . وقد حسنه الترمذي وصححه غيره . وقال الحافظ الكنجي في الكفاية [2] - عقب هذا الحديث - : قد فسرت الحكمة بالسنة ، لقوله عز وجل ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ) [3] يدل على ذلك صحة هذا التأويل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله تعالى أنزل علي الكتاب ومثله معه ، أراد بالكتاب القرآن ، ومثله معه ما علمه الله تعالى من الحكمة ، وبين له من الأمر والنهي والحلال والحرام . فالحكمة هي السنة ، فلهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها . انتهى . وقال المناوي في فيض القدير [4] في شرح حديث الترمذي : أي علي بن أبي طالب عليه السلام هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة ، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها ، وهذه المنقبة ما أعلاها . انتهى . هذا ، والذي يشهد لعدم كون هذه اللفظة من كلام أبي عيسى الترمذي وإنما هي من زيادات بعض محرفي الكلم عن مواضعه أن البغوي أورد هذا الحديث في كتابه مصابيح السنة ، وقد قال في أوله : وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه ، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرا أو موضوعا [5] .
[1] النقد الصحيح : 83 . [2] كفاية الطالب : 119 . [3] سورة النساء 4 : 113 . [4] فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 46 . [5] مصابيح السنة 1 / 110 .