ذلك من العلي الأعلى ؟ ! ولأنه يحصل بحسب قصده ودواعيه ، وينتفي بحسب كراهته وصرفه على طريقة واحدة ، ولأن الله تعالى قد أضاف أفعال العباد إليهم ، فقال : * ( يكسبون ) * ، و * ( يمكرون ) * ، و * ( يفعلون ) * ، و * ( يصنعون ) * ، و * ( يكفرون ) * ، و * ( يخلقون إفكا ) * ، ونحو ذلك في القرآن كثير ، ولكنه تعالى أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، أقدرهم على فعل الضدين ، وهداهم النجدين ، ومكنهم في الحالين ، لم يمنعهم عن فعل المعاصي جبرا ، ولا قهرهم على فعل الطاعات قهرا ، ولو شاء لفعل كما قال عز وجل : * ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا ) * [ يونس : 99 ] يريد به مشيئة الاجبار لا مشيئة الاختيار ، لأنه لو أرهم لم يكونوا مكلفين ، ولبطل الغرض ببعثه المرسلين . فصل [ في أن الله لا يعذب أحدا إلا بذنبه ] فإن قيل : ربك يعذب أحدا بغير ذنبه ؟ فقل : لا يعذب أحدا إلا بذنبه ، لأن عقاب من لا ذنب له