فإنه لا يسرق الدانق [1] ، لعلمه بقبح السرق ، وغناه عن أخذ الدانق ، وعلمه باستغنائه عنه ، وكذلك لو قيل للعاقل : إن صدقت أعطيناك درهما ، وإن كذبت أعطيناك درهما ، فإنه لا يختار الكذب - في هذه الحال - على الصدق ، [ وهما ] على وتيرة واحدة [2] ، وطريقة مستمرة ، ولا علة لذلك إلا ما ذكرناه . فصل [ في أن أفعال العباد منهم ] فإن قيل : هل ربك خلق أفعال العباد ؟ فقل : لا يقول ذلك إلا أهل الضلال والعناد ، كيف يأمرهم بفعل ما قد خلق وأمضى ، أو ينهاهم عن فعل ما قد صور وقضى ، ولأن الإنسان يلحقه حكم فعله من المدح والثناء ، والذم والاستهزاء ، والثواب والجزاء ، فكيف يكون
[1] - الدانق - بفتح النون وكسرها - : سدس الدرهم . ووقع في ( ط ، ش ) : الزائف ، وهو الدرهم الردئ . والأول أنسب . [2] - وتيرة واحدة : أي حالة وصفة واحدة .