في الأزل [1] ، واستغناؤه عن تلك العلل [2] . ولا يجوز أن يكون ثبوت ذلك لعلة محدثة ، لأنها لا تخلو : إما أن تكون مماثلة لما تقدم [ منها ] أو مخالفة [ له ] ، إن كانت مماثلة وجب أن يكون معلولها متماثلا ، وفي علمنا باختلاف ذلك العالم دلالة على بطلان القول بأنه عن علة مماثلة أو علل متماثلات . ولا يجوز أن يكون لعلة مخالفة ، ولا علل مخالفة لأنها حينئذ تكون قد شاركت العالم في الاختلاف ، الذي لأجله احتاج إليها ، فيدور الكلام إلى ما لا يعقل ولا ينحصر من العلل [3] .
[1] - يعني أنه لو قيل : إن المؤثر في العالم علة قديمة لكان ذلك باطلا ، لأنه يلزم من ذلك وجود العالم بما فيه من الاختلاف في القدم ، وذلك غير الواقع لأننا نرى كثيرا من المخلوقات تحدث بعد أن لم تكن . [2] - [3] - يعني أننا لو قلنا : إن هذا العالم المختلف أثرت فيه علل مختلفة ، فإن وجود الاختلاف في العلل شارك العالم في كونه مختلفا فتكون العلل مختلفة لأجل العالم المختلف ، ويكونا لعالم مختلفا لأن العلل مختلفة ، وهذا هو الدور . أو تحتاج العلل المختلفة إلى علل أخرى مختلفة أثرت فيها وهكذا إلى ما لا نهاية .