فنعرف أنه لا بد من مخالف خالف بينها ، وأحدث ما شاهدنا حدوثه منها ، وأنه غير لها ، لأنها لا تحدث نفسها ، إذ الشئ لا يحدث نفسه ، لأنه [1] يؤدي إلى أن يكون [2] قبل نفسه ، وغيرا لها ، وكذلك لا تصور أنفسها ، ولا تخالف بين هيئتها ، ولا يقع ذلك مما يقوله الجاهلون ، من طبع أو مادة ، أو فلك ، أو نجم ، أو علة ، أو عقل ، أو روح ، أو نفس ، أو غير ذلك مما يقولونه ، لأن ذلك إن كان من قبيل الموجبات [3] لم تخل : أن تكون موجودة ، أو معدومة . والموجودة لا تخل : أن تكون قديمة ، أو محدثة . ولا يجوز ثبوت ذلك لعله قديمة ولا معدومة ، لأنه لو كان كما زعموا لكان يلزم وجود العالم بما فيه
[1] - أي القول بأن الشئ أحدث نفسه . [2] - أي المحدث . [3] - العلة الموجبة : هي العلة التي يكون معلولها ملازما لها إن وجدت وجد وإن عدمت عدم ، مثل : كون النار علة الحرارة ، فمتى وجدت النار وجدت الحرارة ، ومتى عدمت النار عدمت الحرارة .