وكان الإمام الحسين ( عليه السلام ) يعلم أنّ تولي يزيد للخلافة سوف يؤدي إلى اضمحلال الدين ، وتفشي الضلال في أوساط الأمة ، فلهذا كتب إلى معاوية جواباً على رسالته ووصف فيها يزيد بدقة وبصراحة : " . . . وفهمت ما ذكرت عن يزيد ، من اكتماله وسياسته لأمة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، تريد أن توهم الناس في يزيد ! كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موضع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ فيه ، من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش ، والحمام السّبق لأترابهن ، والقيان ذوات المعازف ، وضرب الملاهي تجده باصراً " ( 1 ) . ولكن معاوية كان يريد أن يحول الخلافة إلى ملكيّة فلم يبالي بما قيل له ، بل حاول تمهيد أرضية الحكم لابنه وبذل قصارى جهده لتحقيق ذلك ، حتى وصل به الحدّ أن أمر بوضع أحاديث تروّض الناس على الخضوع والذل ، وترسّخ عقيدة الجبر في أوساط الأمة ، ليؤهل بذلك الأرضية لرضوخها في قبول ابنه كخليفة لله يجب السكوت على تصرفاته مهما كانت ، كما في حديث : " من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإنّه من فارق الجماعة شبراً ، فمات إلاّ مات ميتة جاهلية " ( 2 ) . وكان هذا الأسلوب إحدى طرق التضليل الديني الذي ابتدعه معاوية لتثبيت ملكه وملك بني أُمية ! حيث قال له يزيد بعد أن تمّت له البيعة بولاية العهد : " والله ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا ؟ ! فقال له معاوية : كل من أردت خديعته فتخادع لك حتى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته " ( 3 ) .