باب الاعتصام بالكتاب والسنة ( 1 ) ، وايراد حديث الثقلين في هذا الباب يدل على أنّ الاعتصام بالعترة هو أيضاً اعتصام بالسنة ، وأنّ السنة الواردة عنهم هي السنة الصحيحة التي يجب التمسك بها . مناقشات في مدلول الخبر : أولا : اتفق محدثوا أبناء العامة ومؤرخيهم على أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن كتابة أحاديثه لئلا تختلط بالقرآن ، فعلى هذا المبنى كيف يصح الجمع بين أمر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتمسك بالسنة ونهية عن كتابتها وجمعها ؟ ! . ثانياً : لو صح قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للمسلمين : " تركت فيكم كتاب الله وسنتي " ، فكيف جاز لعمر أن يقول : " حسبنا كتاب الله " ( 2 ) ؟ ! . ومن هنا نفهم أنّ الحديث وضعه بعض المتأخرين المعادين للعترة ، أو الذين أرادوا توجيه ترك الصحابة للعترة . ثالثاً : إنّ التمسك بالقرآن والسنة لوحدهما لم يمنع أكثر المسلمين عن الضلال ، وقد رأينا أنّ الصحابة قد اختلفوا بينهم في مواقف عديدة ، وكان كل منهم يدعم ما ذهب إليه بحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكذا وقوع الاختلاف بين فقهاء المسلمين في المسألة الواحدة من الكتاب والسنة ، مع أنّ حكم الكتاب والسنة في المسألة الواحدة ثابت لا يتغير ولا يتبدل ، وهذا يعني ضلال وخطأ أحد المختلفين ! وقد قال الله سبحانه : ( فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنّى تُصْرَفُونَ ) ( 3 ) ، وقد
1 - كنز العمال ، في الاعتصام بالكتاب والسنة : 1 / 188 . 2 - قال عمر ذلك في يوم وفاة رسول الله وقد ذكرها أصحاب الصحاح والسنن . 3 - يونس : 32 .