نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 29
هذا بدلا من أن نسود الصفحات العديدة بالنداءات الوحدوية : والعبارات الخطابية الرنانة ، والألفاظ الأدبية الساحرة ، التي تصور درجة عظمى من الاتحاد والتماسك ، ولكن قد لا تجد لها مصداقا في القلوب . وفي أبسط لغة ، ومع الحد الأدنى من البرهان ، نقول : إن كلا منا يشهد للآخرين بأنهم مسلمون . . وبهذه الشهادة وحدها يترتب عليه أن يحفظ تجاههم كل حقوق المسلم على أخيه المسلم ، والتي بينها الشارع المقدس في عشرات ، بل مئات النصوص من قرآن وسنة : فدمه ، وعرضه ، وماله حرام ، واغتيابه حرام ، وبهتانه من الكبائر ، وسبابه فسوق ، وقتاله كفر ، والغش له والغدر به جفاء مع الدين كله ، بل عليه أن يعيش معه كأعضاء الجسد الواحد ، وأن يحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لها ، ولا يقبل فيه أقوال الوشاة والساعين في بث الفرقة والخلاف . كل هذا ، وكثير غيره ، يعد من أوليات الأخلاق الإسلامية ، ومما يتعلمه المسلم في أول حياته ، وابتداء من أبسط الحقوق : كإفشاء السلام ، وعيادة المريض ، وانتهاء بأكبرها : كالايثار بالنفس . فما بالنا ننسى كل هذا ، بمجرد أن نختلف في مواردنا الفقهية ؟ ! ثم نجعل نقطة الخلاف هذه ، قبلتنا التي إليها نتوجه في أفكارنا ، واهتماماتنا ، وأحاديثنا في جلسات سمرنا ، لتصبح فيما بعد مواقف سياسية وعقائدية تفصل بيننا ؟ ولماذا لا ندرك أن كل ما حصل في هذه الأمة من انقسامات وتشعب في الموارد ، إنما هو وليد الخلاف السياسي الذي ظهر مرة ، ثم تهيأ له أن ينمو بعدما ظهر ، وهو لأجل أن ينمو ويستمر ، لا بد أن يعتمد أساسا " شرعيا " وعليه فلا بد أن يشق له مورده الفقهي المناسب ، ولو تدريجيا ، وعن غير قصد ، ولكنه
29
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 29