responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد    جلد : 1  صفحه : 12


جيل ، ولكن انتصار اليقين والحق المجرد على العاطفة هو العزيز في تلك التجارب .
ولست من الذين يرون أن هزيمة اليقين أمام العاطفة هو من أثر العصبية وحدها ، فربما يكون ذلك ولكن ربما تكون هذه العاطفة وفاء للذكريات الجميلة التي لا يشك صاحبها في صفائها ، وربما يجتمع الأمران معا .
والوفاء لذاته ممدوح ، بعكس العصبية . .
فكثيرا ما يقف المرء على حقيقة كان يعتقد بخلافها ، ولكن لعقيدته هذه في قلبه قدسية أحيانا ، فينبعث عن هذه القدسية سؤال يقول : أحقا أن هذا المفهوم الذي عشت أقدسه لا أصل له ، وأن الصواب في المفهوم الآخر الذي يأباه قلبي وتنفر منه نفسي ؟ !
هذه هي العصبية ، وكم صدت فحولا عن مواصلة الطريق نحو الحقيقة الثابتة . .
إن العصبية تمنح كثيرا من المفاهيم هالة قدسية ، لكنها سراب لا حقيقة لها . . وأصعب شئ على من يقدس أمرا أن يقال له : إن الذي تقدسه سراب ! !
وثمة نوع آخر من العاطفة يشد المرء إلى الوراء . .
إنه الوفاء للذكريات . . فلم لا وقد أمضى أيام شبابه وهو في ذروة الحماس الديني ، مع ثلة من إخوانه المؤمنين ، تزدان مجالسهم بالذكر والبحث الصادق النقي الذي لا تشوبه شائبة من رياء أو مكابرة ؟
إنه ليعشق تلك الذكريات عشقا لا تتخلله سهام الطعن ، فإذا ما واجهته الحقيقة بغير ما كان يرى ثار شوقه إلى تلك الذكريات وتأجج عشقه لها ، فينبعث من بين الشوق والعشق سؤال يمض الفؤاد : أحقا كانت مجالسنا تلك قد تخللها شئ من الأوهام ؟ !
إنه لا يريد أن يشك في ذلك الماضي الجميل ! !
وهذا هو الوفاء للذكريات . .
ولقد كنت للعصبية عدوا حيثما واجهتني ، غلبتها أو غلبتني ، أما الذكريات فقد آخيتها وأحسنت صحبتها حتى النهاية ، وقد جعلتها في فقرات من هذا الكتاب بمثابة صديق لي أحاوره فيستجيب لي ولو همسا .
وقد أعانني على ذلك كونها ذكريات واضحة لم تختلط في ذهني . . وكونها زاخرة

12

نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست