نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 500
إن هذا الأمر أمر جاهلية . وإن لهؤلاء القوم مادة . إن الناس من هذا الأمر إذا حرك على أمور : فرقة ترى ما ترون . وفرقة ترى ما لا ترون . وفرقة لا ترى هذا ولا هذا . فاصبروا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها . وتؤخذ الحقوق مسمحة . فأهدأوا عني [1] ، وانظروا ماذا يأتيكم به أمري . ولا تفعلوا فعلة تضعضع قوة [2] . وتسقط منه [3] . وتورث وهنا [4] وذلة . وسأمسك الأمر ما استمسك وإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي [5] . قال ابن أبي الحديد : واعلم أن هذا الكلام يدل على أنه كان في نفسه عقاب الذين حصروا عثمان والاقتصاص ممن قتله . ولهذا قال : إني لست أجهل ما تعلمون . فاعترف بأنه عالم بوجوب ذلك . واعتذر بعدم التمكن كما ينبغي . وصدق في ذلك . فإن أكثر أهل المدينة أجلبوا عليه . . . ولا يأمن لو شرع في عقوبة الناس والقبض عليهم . من تجدد فتنة أخرى كالأولى وأعظم . فكان الأصوب في التدبير . والذي يوجبه الشرع والعقل . الامساك إلى حين سكون الفتنة . . . وكان يأمل أن يطيعه معاوية وغيره وأن يحضر بنو عثمان عنده يطالبون بدم أبيهم . ويعينون قوما بأعيانهم . بعضهم للقتل . وبعضهم للحصار . وبعضهم للتشور . كما جرت عادة المتظلمين إلى الإمام والقاضي . فحينئذ يتمكن من العمل بحكم الله تعالى . ولكن الأمر لم يقع على هذا النحو . وعصى معاوية وأهل الشام . والتجأ ورثة عثمان إليه . وفارقوا أمير المؤمنين . ولم يطلبوا القصاص طلبا شرعيا . وإنما طلبوه مغالبة . وجعلها معاوية عصبية جاهلية . ولم يأت أحد منهم الأمر من بابه . وقد قال أمير المؤمنين لمعاوية فيما بعد : ( فأما طلبك قتلة عثمان فادخل في الطاعة . وحاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله وسنة رسوله . . . وهذا عين الحق . ومحض الصواب لأنه يجب دخول الناس في طاعة الإمام ثم تقع المحاكمة
[1] أي فاسكتوا . [2] أي تضعف وتهد . [3] منة / القوة . [4] وهن / ضعف . [5] ابن أبي الحديد 339 / 1 ، الطبري حوادث عام 35 .
500
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 500