نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 410
فالبذرة التي وضعها عمر تحت عنوان الخراج ، جعلت العيون تتطلع إلى أموال الدولة حيث كانت وكل فرد يأخذ منها حجم الخدمة التي يؤديها للنظام . فمنهم من يأخذ دراهم ، ومنهم من يأخذ دارا أو خادما ، ومنهم من يأخذ أرضا أو ضياعا . ووفقا لثروة الدولة نتيجة للفتوحات ، كان الفاروق يختار الأمراء وقادة الجند من قبائل مختلفة ، فإذا وجد المال والأمير المخلص ضمنت الدولة عدم حدوث أي تمرد من أي قبيلة ، لهذا لا نستغرب تعيين المنافقين في الدولة العمرية ، ولا نستغرب تعيين أبي زبيد النصراني لأنه مدخل إلى بني تغلب ، ولا إياس بن صبيح الذي كان من أصحاب مسيلمة لأنه مدخل إلى بني حنيفة رافعة لواء التمرد ، ولا طلحة بن خويلد الذي ادعى النبوة لأنه مدخل إلى قبيلته حتى لا تثور ، إلى غير ذلك من قبائل العرب ، فبيت المال هو في حقيقة الأمر الحافظ للنظام ، ولكنه في عهد عثمان كان في حقيقة الأمر المدمر للنظام . وذلك لأن الأغلبية العظمى من الأمراء الذين اختارهم عمر لم يكونوا من الطامعين في الخلافة ، أما الأغلبية العظمى التي استعملها عثمان كانت تطمع في الخلافة ، والغالبية العظمى في قريش كانت قد ملت عمر لأنه لم يسمح لهم بالخروج . وفي عهد عثمان انطلقوا فخالطوا الناس وجرى في أيديهم الذهب ، وحببوا للناس الإمارة كما أحبوا الملك والرئاسة . واتسعت الطبقة الأرستقراطية القرشية وازدادت قائمة النبلاء ، وأمام هذا الاتساع ظهرت الحركات المضادة التي تئن تحت العمامة الأموية . وعندئذ يقف عثمان ويقول : يا أيها الناس إن أبا بكر وعمر كانا يتأولان في هذا المال ظلف أنفسهما وذوي أرحامهما ، وإني تأولت فيه صلة رحمي " [1] . ولكي يضع عثمان على قراره عباءة القداسة نراه يقول لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " نشدتك الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشا على سائر الناس ويؤثر بني هاشم على سائر قريش . فسكت القوم . فقال : لو أن يبدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى