نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 394
عمر إلى محاسبة البعض جعلت البعض الآخر يعيش يومه . وموقف عمر هذا وإن كان فيه خدمة للدولة إلا أنه لم يكن في صالح عمر ، فلقد أبغضه بعض الصحابة وملوه رغم كثرة الفتوح لأنه لم يسمح لهم بالخروج إلى الأمصار . يقول الشعبي : لم يمت عمر حتى ملته قريش وقد حصرهم بالمدينة ، وقال : إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد . فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد وانقطع الناس إليهم فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام وأول فتنة كانت في العامة ليس إلا ذلك [1] . فالذي حافظ على التماسك من ضربات الأعداء ، أموال الفتوحات وقبضة عمر - الذي كان عصره بحق أفضل بكثير من عصور الملوك والسلاطين الذين ركبوا على أعناق الأمة على امتداد التاريخ . وإذا كان تاريخ المسلمين ملئ بالسلبيات والغيوم ، فإن الحق يحتم علينا أن نقول بأن أعظم دولة للمسلمين هي التي كان على رأسها أبو بكر وعمر بن الخطاب ، فهذا العصر كان عصر البذور والبذور لا يختلف أحد على أوراقها وثمارها لأنها لم تأت بعد : وهذه الفترة من التاريخ انتهت نهاية أليمة ، وذلك عندما طعن غلام مجوسي الفاروق عمر رضي الله عنه . وروي أنه كان يفسر لعمر أحلامه . وقد أخبره عمر بحلم من الأحلام ففسره كعب بأنه سيقتل بسلاح له مواصفات خاصة ، وعندما طعن عمر جاء كعب يبكي ويقول : والله لو أن أمير المؤمنين أقسم على الله أن يؤخره لأخره [2] ، ومن الأعجب أن كعبا اشتغل بعد ذلك مستشارا لمعاوية يوم أن كان أميرا على الشام ، وعندما حدثت الانتفاضة على عثمان كان كعب أول من ألقى في قلب معاوية حب الخلافة ! وعلى أي حال بعد عملية طعن الفاروق وهذا الاسم أطلقه عليه أهل الكتاب تعبيرا منهم لعدله ونظرا لأنهم لم يشعروا بغربة في عهده ، وأظلتهم مظلة التسامح الإسلامية في كل مكان على أرض الدولة . حتى
[1] ابن عساكر ( كنز العمال 76 / 14 ) . [2] ابن سعد ( كنز العمال 687 / 12 ) .
394
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 394