نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 340
عند الحديث والتفسير بل انتهى القص إلى مرحلة أخرى يدمر فيها الأخلاق . فلقد أخذت مواد القصص الغرامية تتكاثر وتتزايد بإطراد في أواخر العصر الأموي . حتى حمل السرور والإعجاب بها على إنشاء حلقات من القصص الغرامية تعتمد على أغاني الغزل المشهورة من ناحية . كما تشتبك بمختلف البواعث النابعة من آداب الأمم عامة من ناحية أخرى ، ورواها العرب دون تحري مصادرها وإن سموا بعض الأشخاص من أبطال الغرام والعشق الذين لم يكونوا إلا من أبناء الخيال [1] ، وهذا الباب ترتب عليه ثقافة وهذه الثقافة فتحت الطريق لأبواب أخرى تجد على أبوابها دعاة الصوفية والانعزالية . وتجد الذين يستدرون عطف الحكام . وتجد الذين يطبخون علوم الكلام لترى على الموائد أصنافا عديدة . من أقوال مرجئة إلى أقوال قدرية إلى علوم يونانية . وكل هذا أملاه الواقع الجديد الذي بناه القص . قد يتبادر إلى الذهن سؤال : أين كان علماء أهل البيت من هذا ؟ نقول : كانوا يعيشون عيش العلماء وقد زهدوا في الناس وما في أيدي الناس . كانوا يقيمون الحجة ولا يتدخلوا في اختيار الناس . فالإمام علي ، واجه القصاصين ونسبهم إلى النسب الصحيح فقال : أنتم أبو اعرفوني . أما الحسن بن علي رضي الله عنه فلقد روي أنه مر يوما . وقاص يقص على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له الحسن : ما أنت ؟ قال : أنا قاص يا ابن رسول الله ، قال : كذبت ! محمد صلى الله عليه وسلم القاص . قال تعالى : ( فاقصص القصص ) ، قال الرجل : فأنا مذكر ، قال : كذبت ! محمد صلى الله عليه وآله وسلم المذكر ، قال تعالى : ( فذكر إنما أنت مذكر ) ، قال الرجل : فما أنا ؟ قال له الحسن : المتكلف من الرجال [2] . والخلاصة لقد قدمنا هنا أن البداية كانت عندما فتح عمر باب القص ، وشهد بذلك حديث صحيح ، وإن هذا القص زيف الحقائق وشهد بذلك حديث
[1] تاريخ الأدب العربي 199 / 1 . [2] تاريخ اليعقوبي 270 / 2 .
340
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 340