نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 32
والمراد بعن أيمانهم وعن شمائلهم ، قال المفسرون : عن أيمانهم : أي أشبه عليهم أمر دينهم [1] . وقيل : اليمين هو الجانب القوي الميمون من الإنسان ، أي الدين . وإتيانه من جانب الدين ، أن يزين لهم المبالغة في بعض الأمور الدينية والتكاليف بما لم يأمرهم الله . . وعلى هذا جاء فقه المبالغة والتنطع والمنفرين ، الذين يدعون أنهم يعلمون كل شئ وهم لا يعلمون أي شئ . وعلى أكتافهم تتآكل الشرائع ويتراجع الدين ، إن غلاف فقه المنفرين والمتنطعين والذين يتخذون الزهد والرهبنة طريقا ليأكلوا به أموال الناس بالباطل ، غلاف يحمل ملامح دينية . أما محتواه فقد خطه أصحاب القضايا الرديئة ، التي لا تصلح إلا لعالم اللا دعوة واللا هدف * ( وعن شمائلهم ) ، قال المفسرون : اشتهى لهم السيئات والمعاصي . وقيل : عن شمائلهم أي تأصيل الفحشاء والمنكر والدفاع عن اقتراف الذنوب بجعل الأهواء قانونا لهم . . وأمام هذا الفقه تقهقر اليمين وتقدم الشمال تحت لافتة تنادي بحقوق الإنسان ، فالعنوان له ملامح طيبة " حقوق الإنسان " أما المحتوى فلا وجود فيه لإنسان الفطرة ، إلا من رحم الله . والمنهج الشيطاني لم يكتف بمحاصرة الإنسان من جهاته الأربع ، وإنما خطط من أجل أن يجمع أتباعه تحت ثقافة واحدة ، هي ثقافة الأهواء رغم تفرق سبلهم ، وهذه الثقافة يعزفها الشيطان الرجيم على الجميع . أخبر الله تعالى بأنه قال : * ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) * [2] . قال المفسرون : يقال ، حنك الدابة بحبلها ، إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به . والمعنى : أقسم لئن أخرتني إلى يوم القيامة ، وهو مدة مكث بني آدم في الأرض ، لألجمن ذريته إلا قليلا ، أتسلط عليهم تسلط راكب الدابة الملجم لها عليها ، يطيعونني فيما آمرهم ، ويتوجهون إلى حيث أشير لهم ، من غير أي عصيان وجماح . إن الاحتناك فقه لتلجيم العقول وتكميم الأفواه
[1] تفسير ابن كثير : 204 / 2 . [2] سورة الإسراء : الآية 62 .
32
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 32