نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 216
الشخصية والسياسية ، واختلاف أحاديث للتشكيك بالنصوص النبوية الشرعية التي أعلنها الرسول . وجعل معاوية وأركان دولة البطون من هذه النصوص الموضوعة والمختلفة منهاجا " تربويا " وتعليميا " لرعية دولتهم ، ثم تبنتها الأجيال اللاحقة معتقدة صحتها . ونتيجة هذا كله اختلطت الأوراق اختلاطا " عجيبا " وضاعت الحقيقة بين الركام وصار الوصول إليها من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا " ! وقد وضع أولياء دولة البطون مجموعة من القواعد والضوابط لمعرفة الحديث الصحيح من الحديث المكذوب ، وقسموا الحديث نفسه إلى مراتب ، وكل طائفة وضعت قواعدها وشروطها الخاصة وتولد عن ذلك الاختلاف في تقدير المرويات ، فما يكون منها صحيحا " عند طائفة قد يكون غير صحيح عند الطائفة الأخرى ، وقد يكون من الرواة موضع ثقة عند طائفة فقد لا يكون ثقة عند الطائفة الأخرى . وتعددت مراتب التقدير بتعدد الطوائف والمرجعيات ، وزادت الأوراق اختلاطا " . وفي هذا المناخ جرى تخريج الأحكام من المصادر الصحيحة وغير الصحيحة وتم الاختلاف في المصادر مثلما تم الاختلاف في قبول الروايات . ونشأت حالة من التعارض عجيبة ، وحدث فيض بالأحكام مما مكن دولة البطون من ترجيح الأحكام التي تتلاءم مع ميولها وهواها . ومحاولة منها للسيطرة على مقاليد الأمور اختارت أربعة من العلماء واعتبرتهم أصحاب مذاهبها الرسمية ، وحرمت على أي مواطن من رعاياها أن يتمذهب بغير هذه المذاهب ، حتى أنها لم تقبل رسميا " شهادة أي مسلم إن لم يكن متمذهبا " بأحد المذاهب الأربعة . وقضت هذه الدولة بقرارها هذا على كافة أصحاب المذاهب والتوجهات الفقهية أو حجمتهم عمليا " ، وسمي كل مذهب من المذاهب التي اعتمدتها الدولة باسم صاحبه ، فقيل مذهب الأحناف نسبة إلى أبي حنيفة ومذهب الشافعية نسبة إلى الشافعي . . الخ . لم تعر الدولة أي اهتمام لمذهب أهل بيت النبوة الذي سمي بالمذهب الجعفري نسبة إلى الإمام جعفر الصادق الذي عاصر هذه التحولات والتسميات ، وكان من الممكن أن يتلاشى هذا المذهب كما تلاشت مئات المذاهب أمام قرار دولة البطون ، ولكنه بقي ثابتا " .
216
نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 216