responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب    جلد : 1  صفحه : 178


إنما يخفيها ويحفظها من الخطر الذي يهدد وجودها ، والعقل السليم يقر هذا التوجه الفطري الهادف إلى الحفاظ على الحياة أو المعتقد ، أو المصلحة ، لأن عدم إقراره قد يؤدي إلى زوال الحياة ، وزوال المعتقد تبعا " لها ، لأن إخفاء المعتقدات عملية آنية لمواجهة خطر آني يتهدد المعتقد وحياة صاحبه ، فلا شئ يمنع صاحب المعتقد من إظهاره بعد زوال الخطر ، أو بعد الاستعداد لمواجهته .
لقد أعلنت السلطة الطاغية قرارها بأنها ستقتل ، وبغير رحمة ، كل رجل متعاطف مع قيمة العدل ، وانطلق أعوان السلطة يجوبون ويتعقبون أولئك الذين يتعاطفون مع قيمة العدل مثلا " ، فوجدوا أحدهم وسألوه : هل تتعاطف مع قيمة العدل ؟ فإذا قال لهم : نعم أتعاطف ، فقد أذن لهم بقتله أو أعطاهم المسوغ لقتله ، وإن أخفى معتقده وسايرهم نجا بحياته ومعتقده ، ولا شئ يمنعه إذا عاود التفكير في الأمر من أن يتخذ موقفا " آخر عندما يواجه أعوان الطاغية مرة أخرى . إن الظلم لم يتوقف طوال التاريخ وإن الظالمين لم يختفوا أبدا " ، ولم يخل منهم مجتمع إنساني قط ، وفي المجتمعات الإنسانية أقوياء بيدهم الحول والطول والسلطة ، وضعفاء لا حول ولا قوة ، فجاءت الفطرة التي فطر الله الناس عليها وزودت المستضعفين بسلاح التقية لمواجهة الأقوياء الظالمين ، لأن الأقوياء يتعاملون مع الظاهر ، وهم أقل وأذل من أن يخترقوا حجب الخفاء ، أو ما تخفي النفوس ، وجاء العقل السليم بتحليلاته المرتبطة مع الفطرة ليقر بغير تحفظ مبدأ التقية باعتباره الوسيلة الدفاعية والأقل كلفة .
التقية مبدأ إسلامي أصيل رأينا أن القرآن الكريم قد أوجد مبدأ التقية وأسسه [1] . كذلك فإن السنة النبوية ، بفروعها الثلاثة ، قد أقرت هذا المبدأ وأثرته ببيانها . وقد أجمع أهل العلم على ( أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل ، لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ، ولا تبين منه زوجته ، ولا يحكم عليه بالكفر ) [2] . فمن يلجأ للتقية



[1] راجع سورة آل عمران آية 28 ، وسورة غافر آية 28 ، وسورة النحل آية 106 .
[2] راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10 / 119 .

178

نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست