نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 148
وسبقت جيوش خليفة البطون ، وخلقت حالة من التعاطف العميق مع هذه الجيوش ، على اعتبار أنها جيوش خليفة النبي والأمل بإنقاذ الشعوب المظلومة من جلاديها ! لذلك لم تجد جيوش الخليفة مقاومة تذكر ، فهزمت الدولتين الأعظم وبسطت سلطانها على الأقاليم ، وتوالت الانتصارات ، وأثرت جيوش الخليفة ، فتعجب المسلمون من قدرة الخليفة وقدرة جيوشه المظفرة ، وأعجبهم ما حدث ، وحتى الذين كانوا يرونه غاصبا " للسلطة غضوا النظر عن ذلك أمام هذه الانتصارات ، وألقي في روع الناس أن الله مع الخليفة وأن الله قد أتاه الملك لأنه يستحقه ، وزاد من افتتان المسلمين بالخليفة البطل ، إنه لم يغير كثيرا " من مستوى معيشته ، بل ألزم نفسه بنمط معتدل منها ، ما أذهل عامة المسلمين ، وملأ قلوبهم حبا " وإعجابا " للخليفتين الأول والثاني ولجيوشهما المظفرة التي دكت عروش الأكاسرة والقياصرة ، وألحقت بهم أشنع الهزائم ، وصار الخليفة شخصا " مقدسا " ، وفوق كل الشبهات ، ووضعت الجموع المعجبة الرجلين عمليا " على قدم المساواة مع النبي نفسه ، بل ورجحت الرجلين على النبي فقد يخطئ النبي لأنه بشر ، ولا تجد الجموع المعجبة غضاضة من وصف النبي بالخطأ ، لكن لا أحد في الدنيا يجرؤ على القول : أن أحد الخليفتين أو كلاهما قد أخطأ ، لأن العناية الإلهية تدعمها ، وإذا اختلف أحد الخليفتين مع النبي شخصيا " ، كأن أصدر النبي أمرا " ، فأبدى أحدهما رأيا " معارضا " لأمره وحكمه ، فإن البطون آليا " تقف مع أحدهما ضده وترجح رأيه على حكم النبي ! وأبرز مثال على ذلك ما حدث في بيت النبي أثناء مرضه . وبعد أن انتقل النبي إلى جوار ربه لم تتغير الأمور ، فإذا رأى أحد الخليفتين أن سنة من سنن الرسول ليست مناسبة برأيه ، فإنه يلغيها ويحل رأيه محلها فتصفق له البطون وتؤيده وتبعا " لتأييد البطون تؤيده القوى المنافقة ، والمرتزقة من الأعراب ، فتتعرى القلة المؤمنة وتنكشف ، فتؤيده تبعا " لتأييد الجميع حفظا " لحياتها . كان الرسول يوزع بين الناس بالسوية وكذلك فعل أبو بكر ، فجاء عمر فألغى سنة المساواة وأعطى الناس حسب منازلهم عنده . هذا مثال على ما أسلفنا ، ومثال آخر ، صعد عمر بن الخطاب يوما " على المنبر وخطب الناس قائلا " : ( متعتان
148
نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 148