نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 139
وعلى سبيل المثال ، لا الحصر ، كانت سنة الرسول جارية على تقسيم المال بين الناس بالسوية ، ولما آلت الخلافة إلى عمر بن الخطاب رأى أن سنة الرسول في هذا المجال ليست مناسبة وأن الأنسب إعطاء الناس من الأموال حسب منازلهم بمقاييس عمر . وهكذا فعل فصفقت له أبناء البطون وصفق الناس من خلفهم ، وأشاد الجميع بعبقرية عمر وعدله وتركه لسنة رسول الله ، وجاء القوشجي في ( شرح التجريد ) وابن أبي الحديد في ( شرح نهج البلاغة ) فوضعوا النقاط على الحروف وقالوا بكل صراحة : ( إن الرسول مجتهد وعمر مجتهد ! ! ومن حق المجتهد أن يخالف مجتهدا " آخر ) ! وكانوا يشترطون على الخليفة الجديد أن يعمل بسنة الرسول وسنة الشيخين أبي بكر وعمر ، فسنة الرسول وحدها غير كافية ! ولو كانت كافية لما كان هنا لك داع لسنة الشيخين ! وفي هذا السياق ، أنت ترى أن العشرة المبشرين بالجنة جميعهم من أبناء البطون ، ولم تعترف البطون ، رسميا " ، بأي مبشر بالجنة غيرهم ، وقد شاع هذا الخير وانتشر وأصبح من المسلمات مع أنه من أحاديث الآحاد ! وقد ترجح الشخصية البارزة ، من أبناء البطون ، على الرسول نفسه صراحة ، فهذا زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم الخليفة عمر يزور رسول الله قبل البعثة ، فيقدم له الرسول مائدة فيها لحم ، فيرفض زيد أن يأكل من مائدة الرسول ، فيسأله الرسول عن سبب ذلك ، فيقول زيد له : ( إني لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه ) [1] فهم يصورون زيدا " كأنه أحوط وأفضل من رسول الله ! ولقد نجحت بطون قريش في تصدير هذه العقيدة وتعميمها حتى صارت من المسلمات . فإذا أراد العامة أن يرمزوا لفكرة العدل يقولون : ( عدل عمر ) . ولا يقولون عدل محمد أو عدل الرسول ! والأهم من ذلك أن حب أشخاص معينين من أبناء البطون صار جزءا " من العقيدة ، فلو التزم مؤمن بالإيمان تماما " ، ولكنه كان يرى أن عليا " بن أبي طالب أو
[1] راجع صحيح بخاري في كتاب الذبائح باب ما ذبح على النصب والأصنام 3 / 207 .
139
نام کتاب : مساحة للحوار نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 139