ويقنعني ، إلى أن وصلنا إلى مقتل عثمان ، فقال لي : أنتم تقولون : لعنة الله على من قتله ، ثم تقولون : رضي الله عنهم ! كيف يجوز لعنهم والترضي عنهم في آن واحد ؟ ! فسكت عن الجواب . فتركني وذهب إلى منزل السكنى ، وأتاني بكتاب ، وإذا هو كتاب ( المراجعات ) وقال لي : خذ هذ الكتاب . قلت : وما هذا الكتاب ؟ قال : كتاب من مؤلفات الشيعة . قلت : لا حاجة لي به فأعاد علي القول ، فقلت له : إن الكتاب لا يقرأ في مجلس واحد ! فقال : خذه معك عارية . وكان الوقت بعد العصر ، فحملته وذهبت إلى منزلي ، وبعد أن نام الأولاد وأمهم ، خلوت بنفسي ، وبدأت بالمطالعة ، وهذا أول كتاب وصل إلي من كتب الشيعة ، وما أن بدأت بقراءة المقدمة حتى أخذتني دهشة لما فيها من البلاغة ، وتركيب الألفاظ ، وسبك جملها . . . كما قدمنا قريبا " ، وزادت دهشتي عند وصولي إلى ( المراجعة الرابعة ) إذ فيها القول الفصل لمن كان له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد . ولم اقتصر عليها ، بل أخذت كلما انتهيت من واحدة بدأت في الأخرى ، وهكذا إلى أن مضى علي أكثر من ثلثي الليل ، وأنا لا أشعر بملل ولا كلل ، لما وجدت فيه من حلاوة ألفاظه ، وطلاوة عباراته ، وحينئذ تفتحت أمامي أبواب الصدق والصواب الصائب الذي لا مرية فيه ، ولست بمغال إن قلت : كأني صهرت في بودقة ، وفقدت شعوري لأنه قد استدرجني الكتاب ، وقادني إليه ، فسرت معه مختارا "