من الأمراء والقادة ، بلا إكراه ، كما يحدثنا التاريخ بذلك [1] . ومؤلف هذا الكتاب الذي بين يديك أخي القارئ هو واحد من أولئك الأفذاذ ، وشخصية فاضلة شجاعة ، انتفضت على واقعها ، وتمردت عليه عندما أدركت بطلانه ، وتكشف أمامها شروره وعدوانه ، فهو رحمه الله - كما سترى عزيزي القارئ - بمجرد قراءته لكتاب ( المراجعات ) للسيد شرف الدين الموسوي ، ينقلب لديه كل ما كان قد تعلمه وتلقاه من مبادئ وموضوعات وما تحتويه من مفاهيم وقيم ودلالات بعد أن تتعرى أمامه عما أسدل عليه من تمويهات وافتراءات ، ويقتنع بذلك ، فتصرخ أعماقه لجلال الحقيقة بصمت ، ويعلوه صمت لهيبتها صارخ ، ويستنجد بأخيه ليطلعه على الموقف ، وأيضا " ليطمئن على سلامة اقتناعه ، فيهتز هو الآخر لهول الحقيقة ، ويتابعاها معا " بالبحث ، ويتعهداها بالاستقصاء ، وكم كانت المفاجأة سارة ، إذ كلما توغلا في عمقها ، كلما تكشفت لهم حقائق أخرى ، فهدأت أرواحهم ، واطمأنت نفوسهم ، فقد أدركوا أنهم إنما ينهلون الآن معين صاف ، ويغرفون من بحر زلال لا ينضب ، ويأخذون الحديث من أفواه طاهرة مطهرة ، زقت
[1] راجع مقدمة كتاب ( نهج الحق وكشف الصدق ) للعلامة الحلي ( ط . دار الهجرة ) . والأمثلة في ذلك - عزيزي القارئ - كثيرة ، وأكتفي بهذه الشواهد الثلاث التي تمثل حالات : السمع والمشاهدة والقراءة ، وما أحدثته من انقلاب في ذات أصحابها .