وكان أوائل القوم ، وهم مائة ألف أو يزيدون ، فأمره أن يرد من تقدم منهم ، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ، وأن يقيم عليا " علما " للناس ، ويبلغهم ما أنزل الله فيه ، وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس . فلما بلغ ( غدير خم ) نادى مناديه : الصلاة جامعة ، وكان في وقت الضحى ، والحر شديد ، بحيث لو طرح اللحم على الأرض لانشوى ، وأمر أن يعمدوا إلى أصل شجرتين ، فيكنسوا تحتهما ، وأن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كالمنبر ، وأمر بثوب فطرح عليه ، ثم صعد . فلما اجتمعوا خطب خطبته تلك العظيمة التي صدع بها ، رافعا " صوته لتسمعه تلك الأشهاد المجتمعة من أقطار المسلمين [1] ، فبعد أن حمد الله وأثنى عليه ، ووعظ فأبلغ في الموعظة ، ونعى الأمة نفسه ، وقال :
[1] روى القوم خطبة الرسول صلى الله عليه وآله في أحاديثهم بالتقطيع والتشطير نحو : ابن المغازلي في المناقب : 16 ( ط . المكتبة الإسلامية ) ، وابن الصباغ في الفصول المهمة : 23 ( ط . النجف ) ، والقندوزي في ينابيع المودة : 7 ( ط . اسلامبول ) ، والأمر تسري في أرجح المطالب : 338 و 560 ( ط . لاهور ) ، والنسائي في الخصائص : 20 ( ط . التقدم بمصر ) ، والحاكم في المستدرك : 3 / 109 ( ط . حيدر آباد الدكن ) ، والخوارزمي في المناقب : 93 ( ط . تبريز ) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 163 ( ط . مكتبة القدسي بالقاهرة ) ، وكثير غيرهم يطول بهم المقام ، راجع إحقاق الحق : 4 / 436 و ج 6 / 346 ، وتجدها بتمامها - أخي القارئ - في كتاب الإحتجاج للطبرسي : 1 / 66 ، وكتاب روضة الواعظين للنيسابوري : 109 .