لقد بدأ الانحراف يبدد التصور الأموي والعباسي ، للعنصر الأعجمي . وظنا أنهما ملكا الشعوب والأعراف الأخرى ، بعروبتهما وإسلامهم . فراحا ، يكبران أمر العروبة ، فارضين أعرافهما على الشعوب الأخرى . والعنصر الفارسي العريق في الحضارة والتمدن ، لم يكن ليسمح للعربي بأن يستذله ويستعبده . لذلك اشرأبت الفتنة بعنقها ، وطلت . فانبعث الصراع بين النزوع الأموي وبعده العثماني القومي وبين النزوع الفارسي ، الذي كان مستاء من الانحراف في الخلافة ، منحازا بذلك إلى محور آل البيت ( ع ) ! يقول الأستاذ مرتضى المطهري [29] . ( وإن أكثر أهالي طبرستان وشمال إيران كانوا لم يتعرفوا على الإسلام إلى ما بعد القرن الثالث ولذلك فهم كانوا يحاربون عساكر الخلفاء . وبقي أكثر أهالي كرمان إلى ما بعد عهد الأمويين على المجوسية . وكان أكثر أهل فارس وشيراز على عهد الاصطفري ( صاحب كتاب المسالك والممالك ) من المجوس ) . ولم يكن التشيع من إبداع الفرس إلا عند مهرجي التاريخ ، والعرب سباقون إلى التشيع . وهم الذين أدخلوه إلى فارس . والدليل على ذلك ، إن معظم علماء السنة الكبار في التفسير والحديث والأدب ، واللغة . هم من فارس . وبقيت إيران على السنة الأموية في سب علي ( ع ) ولعنه في المساجد وعلى المنابر . بل إن بعض المدن الإيرانية رفضت أن تحيد عن لعن الإمام علي ( ع ) في عهد عمر بن عبد العزيز . وأبت الاستجابة لقراره كأصفهان ! . وارتبط الفرس بعدها بالأئمة ، وقدموا كل من ينتسب إليهم من ( السادة ) العرب . وأحيوا اللغة العربية أكثر من العرب . ومنهم روادها الكبار مثل سيبويه النحوي ، وصاحب القاموس المحيط الفيروزآبادي ، والزمخشري رائد البلاغة وخصتهم النبوءة الرسولية ، بمديح خاص وربطت مصير الإسلام بهم . ومما ورد فيهم من القرآن ، إنهم القوم الذين قال فيهم الله تعالى : ( وإن تتولوا يستبدل
[29] ( الإسلام وإيران ) ( ج 1 ص 92 ) ترجمة محمد هادي اليوسفي الغروي قسم العلاقات الدولية منظمة الإعلام الإسلامي .