الدين من أهل الكتاب المندسين . ما جاء في الرواية : إن أبا ذر قال ذات يوم لعثمان بعد رجوعه من الشام إلى المدينة : لا ينبغي لمن أدى الزكاة أن يكتفي بذلك حتى يعطي السائل ويطعم الجائع وينفق من حاله في سبيل الله . وكان كعب الأحبار حاضرا هذا الحديث ، فقال : من أدى الفريضة فحسبه فغضب أبو ذر ، وقال لكعب : يا ابن اليهودية ما أنت وهذا . أتعلمنا ديننا ! ثم وجأه بمحجنة ) [9] . يقول د . طه حسين ، معلقا على هذه الرواية : فأعجب لرجل من أصحاب النبي ينكر على كعب أن يجادل في الدين ، ثم يتلقى الدين نفسه عن عبد الله بن سبأ ) ( 10 ) . ثم قال : ( وما أكثر ما شنع خصوم الشيعة على الشيعة ) ( 11 ) . وهكذا تقتضي السياسة ، أن يتحول أبو ذر الغفاري ( رض ) إلى رجل مراهق ، مشاغب ، يتحرك بالوشاية . يقول الطبري : ( إن ابن السوداء لقي أبا ذر فأوعز إليه بذلك ، وإن ابن السوداء هذا أتى أبا الدرداء ، وعبادة بن الصامت فلم يسمعا لقوله ، وأخذه عبادة إلى معاوية وقال له : هذا والله الذي بعث إليك أبا ذر ) . وقد ذكرت روايات ابن سبأ في غير مكان من تراث أهل السنة والجماعة . فقد ذكره ابن خلدون في مقدمته ، وابن الأثير في تأريخه وأبو الفداء في مختصره . إننا لم نعثر على تفاصيل شافية في هذا الباب ، تخلو من التناقض أو نقص في الإسناد . إذ أن خبر ( ابن سبأ ) لم يجر في كتب التاريخ الكبرى مجرى المتواترات . بل وإن كثيرا من كتب التاريخ المهمة التي ذكرت أحداث هذه الحقبة ، لم تشر إليه يقول طه حسين ( 12 ) .
[9] راجع مروج الذهب ، لابن مسعود . ( 10 - 11 ) نفس المصدر . ( 12 ) نفس المصدر ( ص 760 ) .