من التاريخ ليغذي نزعة التجهيل والتمويه . إنه كان يكرس هذه النظرة لدى الأفراد . ولا يصحح مغالطاتهم . وفجأة وجدت نفسي مخدوعا . لماذا هؤلاء لا يكشفون الحقائق للناس ، كما هي في الواقع ؟ لماذا يتعمدون إبقاءنا على وعينا السخيف ، تجاه أكبر وأخطر مسألة وجدت في تاريخ المسلمين ؟ ثم لماذا لا يتأثرون بفاجعة الطف العظمى ، تلك التي ماجت في دمي الحار بالأنصاف . والتوق إلى العدالة . فتدفقت بالحسرة والرفض والمطالبة بالحق الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي . وطبعي الذي لا أنكره ، ولن أنكره ، إنني لا أحب الخادعين والجاهلين ، ثم وإني لناقم على هؤلاء ، وأرافعهم إلى الله والتاريخ ! . كنت في تلك الفترة صاحب بساطة عقائدية كباقي الناس . وببساطتي هذه كنت أبدو أوعاهم عقيدة . وكنت ذا ثقافة أحادية ، هي ثقافة أهل السنة والجماعة . فالجو الذي أحاط بي ، هو جو الصحوة البتراء النائمة ، التي انحرفت بوعيي إلى مواقع تافهة . وفجأة وجدتني ملتزما بخط لا أعرف له أساسا تاريخيا . وصرت واحدا من ( الإخوان ) المناضلين الذين ضاقوا بظلم الواقع ، وأرادوا أن يعيدوا سيناريو العذاب الذي جرت وقائعها في السجن الحربي ( وليمان طرة ) في مصر . كانت خيالاتي قليلة الخصوبة لا تتجاوز ( المذابح ) و ( لماذا أعدموني ) كنت أهوى التمثيل والمسرح ، لذلك انطلقت كالسهم إلى مغامرات سخيفة ! . في تلك اللحظة ، غمرتني أدبيات الحركة الإسلامية . وأخذت مني مأخذها وتملكني فكر ( المحنة ) لدى سيد قطب ، بكلماته المشعة أدبا ، والتي حملت في أحشائها تلك الظلال الوارفة بيانا وبديعا . فأبيت إلا أن أغزو الظلم قبل أن يغزوني . ولعلي تعثرت كثيرا بسبب الأدبيات التي عبثت بوعيي الصغير يومئذ . ولا أنكر . أنني كنت من أنصار ( الهجرة والتكفير ) وإنني ما أزال أحفظ عن ظهر قلب تراتيل الفريضة الغائبة ! . وفي لحظة من عمري ذهبية . طرحت على نفسي سؤالا : ( ترى ، ما هو هذا الظلم الذي ما زلت كل حياتي أشكتي منه وأفرض ما