إن عليا ( رض ) قال ( لا تكرهوا إمارة معاوية ، فإنكم لو فقدتموه لرأيتم الرؤوس تنذر على كواهلها ) [9] . بل إن معاوية كان يشهد بعلمه وفقهه . وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس ( رض ) أن رجلا قال له : هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة فقال : أصاب إنه فقيه ( فهذه شهادة ابن عباس وهو من أكابر علماء الإسلام [10] . أما الحسن فلم يكن فتانا مثل الآخرين . إنه رجل مؤمن كباقي المسلمين ليست له ميزة دونهم إلا أنه بن فاطمة بنت رسول الله بل فيه عيب ، أنه كان مزواجا مطلاقا . ولكنه حسنا صنع ، لما تخلى عن الخلافة لصالح معاوية ، ابتغاء حقن الدماء . وهو بذلك يكون أفضل من أبيه . يقول بن عبد الوهاب : ( ومن ذلك انسلاخ الحسن ( رض ) عن الخلافة لمعاوية . قال أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة الحسن بن علي ( رض ) كان رحمه الله حليما ورعا ، دعاه ورعه ( الذي لم يوجد ربما في أبيه ) وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله . وقال : والله ما أحب منذ عرفت ما ينفعني وما يضرني أن آتي أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله على أن يهراق في ذلك محجة دم . وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان ( رض ) والذابين عنه . ولما قتل أبوه علي ( رض ) بايعه أكثر من أربعين ألفا كلهم قد بايعوا أباه عليا قبل موته على الموت . وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه [11] . فبقي نحو سبعة أشهر خليفة في العراق وما وراءها من خراسان . ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه . ولعل بذلك كان هذا العام . هو عام الجماعة ، حيث سكت الضمير ، وبقي
[9] أقول ، ولذلك ما ترك علي ( ع ) جهدا إلا واستخدمه في قتال معاوية ! . [10] ولما كان معاوية كثير العلم والفقه والفضل ، سئل الإمام النسائي عن سبب عزوفه عن تخريج كتاب حول معاوية نظير ( الخصائص ) فقال : ماذا أقول فيه ، ( لا أشبع الله بطنك ) ؟ ! إنه الشئ الوحيد الذي حصل عليه من فضل من قبل الرسول صلى الله عليه وآله ! . [11] إنها النزعة الناصبية التي لم تفارق الوهابية منذ نشوئها وإلى اليوم .