تظهر حقيقة معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وعائشة بنت أبي بكر ، وطلحة والزبير . . وكل هؤلاء قاموا بأشياء ، تناقض الصورة التي نقلت لنا عنهم ، وحن نقرأ في تراجمهم وتسير السفينة ، حتى كربلاء ، حيث يجب أن تغلق المنافذ أو تكتم الأنفاس ، وتعمي الأبصار ، لتجاوز هذا النفق المظلم . لأن الذي قتل الحسين بن علي ، وسبى نساءه ، هو ( أمير المؤمنين ) يزيد بن معاوية . وفي زمن لا يزال فيه أثار متبقية للصحابة . نغمض أعيننا ونفتحها على تاريخ إيديولوجي جاهز . كتبته أقلام التزلف . على دف القيان ورقصات جواري البلاط . حيث تغدوا عندنا الدولة الأموية ، دولة الإسلام المقبولة ، بغض النظر عن الدماء التي سفكت ، والأعراض التي هتكت ، والمفاهيم التي نسخت ! فمعاوية بن أبي سفيان ( أمير المؤمنين ) يروى له التاريخ عندنا أروع المناقب وأسمى الفضائل [3] . لقد وقع ما وقع بين علي : ومعاوية بن أبي سفيان . وكل ذلك كان اجتهادا . وكانت فتنة ، سقط فيها علي ومعاوية معا . وكلاهما مسؤول عن الذي وقع . وإن الصراع كان على الخلافة والسلطة . وإن الفئة الصائبة يومها هي تلك التي اعتزلت الفتنة وغلقت عليها أبواب المساجد ، ولبثت في البيوت . وليعطي لها ألقاب نظير ( حمامة المسجد ) لأنها انزوت فيه في وقت كانت مصلحة الدين تقتضي تقديم التضحية والدخول في الجهاد . جاءني يوما أحد أصدقائي الطلبة ، يسألني عن معاوية وقتاله لعلي ( ع ) في صفين ، وقبل أن أباشر في الجواب ، نطق أحد الحاضرين قائلا : اللعنة عليه ! فخزرت فيه ، ثم قلت : أعوذ بالله ، لماذا تلعنه ؟ قال : لأنه قاتل عليا . قلت له : ومع ذلك ، فإن الرسول صلى الله عليه وآله يقول ( لا تسبوا أصحابي ) .
[3] أقول ، ولعل الدليل الواقعي ، الملموس على أن أهل السنة والجماعة نزعوا منذ البداية منزعا ضد آل البيت ( ع ) ومع خط الأمويين . إن واقع الثقافة السنية يؤكد ذلك . فالسني على امتداد العالم الإسلامي ، لا يعرف عن أئمة آل البيت ( ع ) أكثر مما يعرف عن مناقب أعدائهم . لنكن إذا صرحاء ! .