أكن سلسا لتقبل كل فكرة بدون اختبار . واستقرت قناعتي في النهاية بعد أن تأكدت من تلك الحبكات الخرافية . ففي ( فجر الإسلام ) لأحمد أمين ، وهو من أكبر المناصبين للشيعة ، يقول : ( كانت البذرة الأولى للشيعة ، الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه ) [11] . وفي دحض فكرة ( فارسية ) التشيع ، قال : ( والذي أرى - كما يدلنا التاريخ - إن التشيع لعلي بدأ قبل دخول الفرس في الإسلام ، ولكن بمعنى ساذج ، وهو أن عليا أولى من غيره من وجهتين ، كفايته الشخصية وقرابته للنبي ) [12] . فالذين لا يعلمون - من إخواننا السنة - يجب أن يدركوا ، كما أدركت - منذ فتحت قلبي للحقيقة - أن أغلب علمائهم من ( فارس ) . إنني ما زلت أقتفي آثار علماء السنة الكبار ، في البلاغة والنحو والفقه والحديث والتصوف . . فأجد الأغلبية الغالبة منهم ، فرسا . ومنهم : البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة القزويني والإمام الرازي والقاضي البيضاوي وأبو زرعمه الرازي ، والفيروزآبادي ( صاحب القاموس المحيط ) والزمخشري والإمام فخر الدين الرازي ، والكازروني وأبو القاسم البلخي والقفال المروزي والتفتازاني والراغب الأصفهاني والبيهقي والتبريزي الخطيب ، والجرجاني وأبو حامد الغزالي . . وغيرهم مما يعجز عن عدهم اللسان ويضيق عنهم المقام . فأعلام ( السنة والجماعة ) الفطاحل ، وعلماؤهم النحارير ومحدثوهم النقاريس ، كانوا من بلاد ( فارس ) . والتشيع أدخل إلى فارس ، من بلاد العرب ، وساهم في نشر التشيع في بلاد فارس علماء من العراق ، وجبل عامل والأحساء ، والمدينة المنورة .
[11] - فجر الإسلام - أحمد أمين - ( ص 366 ) . [12] - نفس المصدر ( ص 277 ) .