نام کتاب : لقد شيعني الحسين ( ع ) نویسنده : إدريس الحسيني المغربي جلد : 1 صفحه : 277
القوم . فهو مستعد للتراجع حيثما ظهر له مبرر ذلك . وأي مبرر أعظم من انكسار القيادة العليا للجيش . فعبيد الله بن عباس الذي خان الإمام الحسن ( ع ) ، كان يملك قابلية الرشوة والإغراء . فحرب مع الحسن ، قد تطول ، وأفضل له من ذلك دنيا قريبة واستكانة مضمونة . فراح يدبر عملية خيانة داخل الجيش ، فاستجاب له قطيع من الرعاع فانطلقوا إلى معاوية ، ويذكر اليعقوبي ، إن عبيد الله بن عباس تسلل في غلس الليل ومعه ثمانية آلاف من الجيش ، وكانوا كلهم من أهل الأطماع ، فترك هذا الحدث أثرا سلبيا في باقي الجيش ، وكل عارف بقضايا الحروب ، وكل عالم بطبيعة الجيوش ، يدرك مدى ما يمكن أن تخلفه عملية انشقاق مثل تلك ، أو خيانة قيادة عليا ، خصوصا أن القيادة العليا لم تكن اعتباطية ، فعبيد الله وال على اليمن ، وواحد من أتباع الإمام علي ( ع ) وقد قتل بسر بن أرطأة ولديه . فتراجع هكذا رجال جدير أن يترك أثره على جيش منهار ومختلف الطباع والأهواء ، فانتشر الاضطراب في هذا الجيش وكادت عراه أن تنكسر ، لولا أن بادر إلى إحكامها ، واحد من خلص شيعة الإمام الحسن ، وهو قيس بن سعد ، ابن واحد من أكبر رموز المعارضة في ( السقيفة ) . فقد عرف أن سبب اضطراب الجيش ، كان بسبب ما تركته خيانة عبيد الله بن عباس ، فقام خطيبا فيهم ، يكشف لهم عن حقيقة الأوصاف التي يعرفونها عنه ، حيث تبين أمره وأميط اللثام عن حقيقته ، فقال : ( إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط ، إن أباه عم رسول الله ( ص ) خرج يقاتله ببدر فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري فآتى به رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ فداءه ، فقسمه بين المسلمين وإن أخاه ولاه علي على البصرة فسرق ماله ومال المسلمين فاشترى به الجواري ، وزعم أن ذلك له حلال ، وأن هذا ولاه علي على اليمن فهرب من بسر بن أبي أرطأة ، وترك ولده حتى قتلوا ، وصنع الآن هذا الذي صنع [211] . وسرعان ما أعادت هذه الكلمة ، التوازن إلى الجيش ، وأدركوا أن الخيانة كان طبيعية من عبيد الله بن العباس ، وما برحوا أن